Saturday, 5 January 2013

خربشات تويترية: مصر وصحافتها.. البحث عن حقيقة

الصورة التقطتها لصحيفة ماليزية كانت ملقاة على الأرض في مطار جزيرة لانكاوي في ماليزيا - سبتمبر ٢٠١٢

الصحفي الجيد يصلح أن يكون رجل استخبارات متميزقدرته على جمع المعلومات وغربلتها وبناء سياق منها هي التي تؤهله كي يضيف إلى المتلقي شيئاً جديداً.

لذا ليس غريباً أن تستعين أجهزة الاستخبارات بمصادرها الصحفية كي تحصل على المعلوماتبالطبع هذا في الغرب له ضوابطه القانونية والأخلاقية، بينما لا يبدو الأمر كذلك في العالم العربي أو في الدول التي تتمتع بأنظمة حكم شمولية.

الصحفي الجيد هو الذي يستطيع أن١يصل إلى المعلومة ٢يحدد مدى دقتها/صحتها عبر مصادره ٣يضع هذه المعلومة في السياق الصحيح للقصة الخبرية.

في المؤسسات الإعلامية في الغرب، يستثمرون بكثافة في مجالات تدريب الصحفيينفهم رأس المال الحقيقي لهذه المؤسسات وهم الذين يحددون مدى نجاحها وتميزها.

أن تكون صحفياً جيداً ليس سراً حربياًفقط عليك أن١تقرأ بغزارة حول ما تريد أن تتخصص فيه٢تهضم ما قرأته جيداً٣تتفاعل معه خلال عملك الصحفي٤تعيد إنتاجه عبر كتابته ببساطة وسلاسة.

أحمد بهاء الدين، أحد أمهر كتاب الأعمدة الصحفية في الصحافة العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كان يقولفكر بعمق، واكتب ببساطة.

قدرتك على أن تبقى في مهنة الصحافة لفترة طويلة مرهونة بأمرين١تمسكك بالأطر الأخلاقية للمهنة ٢قدرتك على إتقان أنواع مختلفة من العمل الصحفي.

الصحافة الجيدة تحتاج إلى قدر هائل من الحرية في المجتمع الذي تصدر منهفي المجتمعات المنغلقة تتحول الصحف إلى نشرات إعلانية أو مراسيم دعائية.

مارست الصحافة في عاصمة عربية خليجية وعاصمة غربيةالفرق هائل بين التجربتينفي الأولى اصطدمت بسقف التطور المهني بعد ثلاث سنوات فقط من العمل!

من المدهش أنني وجدت تتطابقاً بين الصحافة الخليجية والصحافة الماليزيةكلاهما نشرات إعلانية فاخرةأدركت حينها أن الحرية في المكانين منعدمة!

من الصعب أن تصنع صحافة حرة وحقيقية في مجتمع يمجد شخصاً واحداً فقط أو عائلةً حاكمة أو جماعةً دينيةكما من الصعب أن تصنع صحافة في مجتمع يعتمد على الاقتصاد الريعيكلها عوامل تجعل الصحافة مرهونة لرأسمال ولرضا صاحب القرار السياسي.


مارست الصحافة في مصر كمراسل لفترات قصيرةبدا لي المجتمع متأثرا بمسلسل للجاسوسيةالناس يفترضون أنك عميل استخبارات تريد ما بحوذتهم من أسرار!

من المدهش أن رجال الأعمال قد ينجحون في صنع صحافة شبه مستقلة وقادرة على التأثير والتفاعل مع الرأي العام ولكن الجماعات الأيدلوجية أو الدينية تفشل في ذلك.

لي أصدقاء من التيار الإسلامي يسألونني عن علاقة المخابرات بالصحافة في مصرفي الحقيقة فإن أكثر المطلعين على هذه العلاقة هم قيادات الجماعة الآنفهم الذين ورثوا ملفات الأمن من النظام السابق وأهمها علاقات الأمن المتشابكة بالصحافة.

إذا كان هناك تخوف من اختراق استخباراتي لمصر عبر الصحافة، فأول المخترقين وأكثرهم تغلغلاً داخل المجتمع المصري هم حلفاء جماعة الاخوان الإقليميين من خلال إعلامهم الموجه إلى المجتمع المصري.

الغرب لن يخترق مصر استخباراتياً عبر الصحافةالسفارة الأمريكية في القاهرة تعد من أكبر أجهزة جمع المعلومات في الشرق الأوسط منذ سقوط الشاه في إيران وانتهاء دور السفارة الأمريكية في طهرانوهذا ليس سراً وقد ذكر أكثر من مرة في كتب غربية.

لا توجد وسيلة إعلامية في العالم مستقلة تماماً سوى وسائل الإعلام التي تمول بشكل مباشر من دافع الضرائبطبيعة ملكية الصحف هي التي تحدد توجهاتها.

في ظل غياب المعايير المهنية، يعتقد البعض أن ما يصنعونه هو صحافةفي الحقيقة هم ليسوا صحفيين وفق معايير المهنة وإنما موظفو علاقات عامة لدى ممول أو مالك الصحيفة.

هذا النموذج يمكن أن تجده في مصر أو في دول الخليجفبالرغم من أن الصحافة المصرية تتمتع بسقف حرية أعلى من نظيراتها في دول الخليج، إلا أن الصحافة المصرية تبقى مرهونة لتوجهات السلطة الحاكمة بالنسبة للصحف الرسمية أو التي تعرف بالقومية، أو بالتوجهات السياسية لناشري هذه الصحف من الجماعات والأحزاب السياسية.

يكفي لمعرفة إلى أين تتجه حرية الصحافة المصرية أن تتأمل في تصريح الرئيس محمد مرسي والذي نشر كعنوان عريض في صحيفة الأهرام، حيث يقول فيه: "الإعلام يجب ألا يتعارض مع مؤسسات الحكم ما لم يكن هناك فساد"..!

أما في دول الخليج فالصحافة الوحيدة المعترف بها هي الصحافة الرياضيةفيما عدا ذلك، ينظر إلى الصحف باعتبارها ملاحق إعلانية مطبوعة على ورق فاخر!

No comments:

Post a Comment