Monday, 13 January 2014

عاشت جمهورية تشيلي حرة




يعتقد بعض المواطنين التشيليين الصالحين أن جمهورية تشيلي التي تقع غرب أمريكا اللاتينية، استثناء. فلا قوانين السياسة تنطبق عليها ولا قوانين الاقتصاد تصلح لظروفها. ونتيجةً لذلك فإن الديمقراطية قد تكون الخيار الأسوأ لظروف تشيلي الاجتماعية والاقتصادية.

ويفضل أصدقاؤنا من المواطنين التشيليين الصالحين أن يذكروا اسم الجنرال أوغستوا بينوشيه كمثال على أن "البلد عايزة دكر يحسم الأمور ويخلي الناس تاكل عيش وتعيش في أمان". وبالرغم من سجل بينوشيه الأسود في حقوق الإنسان فإن تقاريراً صادرة من مؤسسات مالية أمريكية أشادت بأدائه الاقتصادي في الخصخصة وتطبيق السياسات النيوليبرالية في الاقتصاد والتخلص بسرعة وكفاءة من الإرث الاشتراكي لسياسات الرئيس سلفادور أليندي.

لكن كل هذه الاعتقادات "الوطنية" والتي تريد "مصلحة البلد"، أثبتت خطأها يوم الخامس من أكتوبر عام 1988. ففي هذا اليوم التاريخي المشهود تم إجراء استفتاء على عودة التعددية الديمقراطية إلى تشيلي. إذا كانت نتيجة الاستفتاء "نعم" فإن بينوشيه سيظل رئيساً لثماني سنوات تنتهي عام 1997. أي سيظل الرجل "اللي نعرفه" في الحكم، وهو ما يعني بالتأكيد استمرار "الاستقرار". لكن بينوشيه، وكتنازل منه ومنحة إلى الشعب العظيم، شعب تشيلي البطل، فإنه سيقوم بالدعوة لإجراء انتخابات عامة للبرلمان.

أما إذا قال المواطنون التشيليون "لا"، فإن بنوشيه سيظل رئيساً لعام واحد فقط, ثم يتم إجراء انتخابات مفتوحة على الرئاسة وانتخابات برلمانية حرة، تتنافس فيها الأحزاب، والتي سمح بينوشيه بتشكيلها عام 1987.

وما حدث في هذا اليوم الميمون، وهو الخامس من أكتوبر عام 1988، أن قال 55.99 في المائة من المواطنين التشيليين الذين يرغبون في استعادة حريتهم: لا. فيما قال 44.01 في المائة من المواطنين التشيليين الصالحين الذين يرغبون في استمرار "الاستقرار": نعم.

استمر بينوشيه في الحكم عاماً واحداً، وفي العام التالي، 1989، تم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، ولم يستطع وزير مالية بينوشيه أن يفوز فيها بأكثر من 30 في المائة من أصوات المواطنين الصالحين، الراغبين في الاستقرار وفي استمرار سياسات الرئيس الجنرال بينوشيه.

واكتشف الشعب التشيلي خلال ذهابه إلى صناديق الاقتراع أن تشيلي ليست استثناءً من قوانين السياسة والتاريخ والجغرافيا. فالناس في تشيلي تريد قدراً معقولاً من العدالة الاجتماعية كما هو متحقق لأقرانهم في القارة الأوروبية. كما أن أغلبية من يعيشون في تشيلي يريدون احترام إرادتهم الحرة في اختيار ومحاسبة الذين يشغلون الوظائف التنفيذية العليا في الدولة.

ومن المدهش أيضاً أن الناس في تشيلي، كما في دول عديدة أخرى، ترفض أن يتم تعذيبها في أقسام الشرطة أو اعتقالها دون توجيه اتهام أو الوقوف أمام قاضيها الطبيعي ضمن إجراءات تضمن العدالة والمساواة, وربما كان من الغريب على بعض التشيليين أن يكتشفوا أن الناس في بلدهم تريد أن تعبر عن آرائها بحرية ودون خوف أو إحساس بالملاحقة الأمنية.

حفظ الله تشيلي جمهورية حرة لجميع مواطنيها، والمجد لمن قال "لا" في وجه من قالوا "نعم".

ملاحظة: بعد تفكير قررت أن أصوت بـ"نعم" في الاستفتاء على الدستور، وأن أدعو الفريق السيسي للترشح لرئاسة الجمهورية، وسأقول "نعم" للسيسي رئيساً، لأن مصر في مرحلة حرجة وتريد قائداً حاسماً، ينهض بالبلاد. ولا تحدثني عن الديمقراطية عندما يتعرض الأمن القومي للخطر، فمصر استثناء!


No comments:

Post a Comment