لو أتيح لي
كتابة ورقة بحثية عن مصر فمن الممكن أن يكون عنوانها "مصر.. مسألة جد
معقدة!".
أولا: هناك طلب شعبي كبير ولا يمكن قياسه حتى كتابة هذا السطور، على أن يكون الفريق عبد الفتاح السيسي رئيسا قادما للجمهورية.
مجرد ترشح السيسي، يعني فوزه بالرئاسة. ومع كل الضمانات الدولية والمحلية وبدون اللجوء لأي ورقة تصويت واحدة مزورة، فإن السيسي سيفوز باكتساح وسيكون رئيساً يحظى بدعم شعبي كبير. لكن هذه ليست المشكلة. إنما المشكلة تبدأ في اليوم التالي لتوليه الرئاسة.
1. هناك كارثة اقتصادية بحجم ثقب أسود عملاق تتجه نحو مصر، ولابد من إجراءات شديدة القسوة كي يتم التعامل معها. دعم الوقود أصبح مستحيلاً، والجهاز الحكومي المتضخم أصبح يمثل عبئاً رهيباً على الدولة ويجب إعادة هيكلته بسرعة. هناك ضرائب دخل يجب فرضها بصرامة، بالإضافة الى معالجة مشكلة الانفجار السكاني المفزعة، وصولاً لمعالجة العادات الغذائية الخاطئة التي جعلت مصر المستهلك الأكبر للقمح في العالم!
2. هناك تحديات مفزعة تواجه الأمن القومي على المدى القريب والبعيد. فهناك مشكلة مائية على الأبواب بسبب سدود أثيوبيا وانفلات الأوضاع الأمنية في جنوب السودان. وهناك دولة فاشلة ذات مساحة عملاقة على الحدود الغربية وهي ليبيا. وهناك التحدي التقليدي المتمثل في إسرائيل. ثم انفلات للأوضاع الأمنية وفقدان لسيطرة الدولة في سيناء.
3. هناك تحديات مرتبطة بالمستقبل وتتعلق تحديداً بنظام التعليم المهترئ وكيفية إعادة النظر فيه بشكل كامل وجذري. لم يعد ممكناً أن تستمر الدولة بهذا النظام ولو لخمس سنوات مقبلة. الفجوة التعليمية والعلمية بيننا وبين شمال البحر المتوسط تزداد بشكل كارثي ومفزع، وهناك نزيف عقول مؤلم ومستمر.
4. هناك ضرورة ملحة لصياغة دور مصر الإقليمي في الفترة المقبلة، خاصةً مع تحول الربيع العربي الى انفجارات وصراعات أهلية أطاحت للأبد بالدول الرئيسية في النظام العربي. العراق وسورية وليبيا خارج النظام الاقليمي لفترة طويلة جداً. السعودية على شفا بركان. تركيا وإيران لا تريدان دوراً مصرياً فاعلاً في المنطقة لاعتقادهما (وهو اعتقاد صحيح) أن ذلك ينافس أدوارهما الإقليمية.
ثانيا: في نفس الوقت الذي يبدو فيه أن هناك طلباً شعبياً كبيراً كي يكون السيسي رئيساً قادماً للجمهورية، تبدو مؤشرات متزايدة على أن هناك أجنحة قوية في النظام لا تريد السيسي رئيساً، وهي أجنحة متحالفة مع رجال أعمال ارتبطوا بنظام الرئيس السابق مبارك، وتخشى أن السيسي رئيساً سيمثل تهديداً لمصالحها الاقتصادية.
ثالثا: هناك رغبة اماراتية عبر عنها محمد بن راشد، وربما رغبة سعودية عبر عنها مقال عبد الرحمن الراشد في الشرق الأوسط (وهو الكاتب المقرب من دوائر صنع القرار في الرياض) ورغبة أمريكية غربية ألا يكون السيسي رئيساً. هناك ما يشي بتوجس إقليمي ما من شخص السيسي كرئيس. وهناك رغبة أمريكية في أن لا يكون وزير الدفاع رئيسا للجمهورية لسببين: 1. حفاظاً على فكرة أن واشنطن لا تدعم الانقلابات العسكرية التي تأتي بوزير دفاع رئيساً للجمهورية. 2. أن السيسي لو جاء كرئيس يحظى بدعم شعبي كاسح، سيرسخ ابتعاد مصر عن التزامات العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة والتي تشهد الآن أضعف مراحلها منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل.
هل سيصبح السيسي رئيسا قادما أم لا..؟ الأمر جد معقد ولا يمكن التنبؤ بأي شيء في بلد أصبح فيه حدوث أي شيء ممكناً في أي لحظة!
No comments:
Post a Comment