Thursday, 30 August 2018

ثورة يناير: واشنطن وثمانية عشر يوماً من الغضب


عندما بدأت تظاهرات الآلاف من المحتجين في السير في شوارع القاهرة والاسكندرية والسويس والاسماعيلية خلال صباح يوم الخامس والعشرين من يناير عام ٢٠١١، كانت لاتزال الساعة تشير إلى الثالثة صباحاً في واشنطن. لم تكن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تدرك أنها بعد ساعات سوف تبدأ في مناقشة الأوضاع في القاهرة وقدرة حليفها الرئيس المصري حسني مبارك على التعامل مع تلك التظاهرات التي تزامنت مع احتفال عيد الشرطة المصرية.
الوضع تحت السيطرة
طالب المحتجون باستقالة وزير الداخلية المصري حبيب العادلي احتجاجاً على ممارسات الشرطة القمعية. وبالرغم من سيطرة القوات الأمنية على الموقف في المدن المصرية إلا أن استجابة المحتجين لدعوات حركة السادس من أبريل وصفحة "كلنا خالد سعيد" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كانت مؤشراً على أن الأيام اللاحقة سوف تكون التحدي الأكبر لمبارك خلال حكمه الممتد لثلاثة عقود، كما أنها ستكون التحدي الأكبر لعلاقة التحالف التي ربطت بين واشنطن والقاهرة منذ عام ١٩٧٩.
بسبب تقدم القاهرة على واشنطن بسبع ساعات، كانت الصورة أمام أوباما وأعضاء فريقه للأمن القومي أن نظام الرئيس المصري يسيطر على الأوضاع في القاهرة وأنه لا يوجد ما يستدعي القلق. يمكن ملاحظة ذلك من خلال تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي قالت للصحفيين "إن تقديرنا هو أن الحكومة المصرية مستقرة وأنها تنظر في الوسائل التي ستستجيب من خلالها للمطالب الشرعية (للمحتجين) وتخدم مصالح شعبها." أما البيت الأبيض فأصدر بياناً دعا فيه "جميع الأطراف للامتناع عن اللجوء للعنف"، كما دعا الحكومة المصرية "للاستجابة لطموحات الشعب المصري والبدء بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية".
جمعة الغضب
استمرت الإدارة الأمريكية في مراقبة الأوضاع في القاهرة خلال اليومين التاليين، لكن نقطة التحول الرئيسية الأولى كانت في استجابة عشرات الآلاف من المصريين في المدن المصرية للخروج والاحتجاج على الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد صلاة الجمعة يوم ٢٨ يناير عام ٢٠١١ فيما عرف باسم "تظاهرات جمعة الغضب". الشعارات التي بدأت يوم الخامس والعشرين بالمطالبة بـ"عيش، حرية، عدالة اجتماعية" تحولت عصر ذلك اليوم إلى "الشعب يريد إسقاط النظام". في المساء كانت قوات الشرطة المصرية قد اختفت من شوارع القاهرة بعد أن فشلت في صد آلاف المحتجين الغاضبين من الوصول لميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية، وبعد أن أحرقت المئات من مقار الشرطة في أنحاء البلاد. نزلت قوات الجيش إلى شوارع المدن المصرية وبدا أن الوضع في القاهرة قد خرج عن سيطرة وزارة الداخلية.
ألقى مبارك خطابه الأول خلال الأزمة وأعلن فيه عن استقالة الحكومة واعارف بشرعية مطالب المحتجين الذين يريدون المزيد من الديمقراطية والإصلاحات السياسية. بعد الخطاب تحدث أوباما مع مبارك وطالبه "بالقيام بالخطوات اللازمة والضرورية من أجل الوفاء بتعهداته" . لكن مسؤولاً رفيعاً في إدارة أوباما قال للإعلام في اليوم التالي إن خطاب مبارك "كان مخيباً للآمال بشدة، وأن مبارك يعتقد أنه سيستطيع الخروج من هذه الأزمة، لكن هذه المرة فإننا لا نعتقد أن تقديره سليم."
يروي وزير الخارجية المصري آنذاك أحمد أبو الغيط أنه تلقى يوم التاسع والعشرين من يناير اتصالين من هيلاري كلينتون، شددت فيهما على أن القيادة المصرية مطالبة بالسماح بالتظاهرات السلمية والقيام بإصلاحات (لم تحددها) بشكلٍ عاجل لإنهاء الأزمة. ويحكي أبو الغيط أنه نقل تفاصيل الاتصالين إلى رئيس جهاز الاستخبارات العامة المصرية اللواء عمر سليمان والذي كان يرافقه في زيارة إلى أديس أبابا، وأن سليمان أخبره بأن "الأمريكيين يقومون بالاتصال بجميع دوائر الحكم في مصر ... وأنهم يتحدثون بصوتين مختلفتين. الصوت الأول هو صوت البيت الأبيض، والذي يبدو أنه يتخذ موقفاً متشدداً من النظام في مصر. أما الصوت الثاني فهو صوت وزارة الخارجية الأمريكية والذي أظهر قدراً من المرونة خلال اتصالاته مع دوائر الحكم في القاهرة". وينقل أبو الغيط عن سليمان تعليقه على هذا الاختلاف بالقول إنها "طريقتهم التقليدية في توزيع الأدوار".
 لم يكن تحليل عمر سليمان لاختلاف طريقة واشنطن في التحدث مع القاهرة دقيقاً. فوفقاً لمذكرات هيلاري كلينتون فإن البيت الأبيض كان "يواجه معضلة في كيفية التعامل مع الأحداث في القاهرة"، فبالرغم من أن "مبارك كان حليفاً استراتيجياً لعقود، إلا أن مطالب المحتجين بالخبز والحرية والكرامة كانت متوافقة مع القيم الأمريكية". أما وزير الدفاع الأمريكي آنذاك روبرت غيتس فكتب في مذكراته أن البيت الأبيض كان منقسماً حول طريقة التعامل مع الأحداث في مصر. فنائب الرئيس جو بايدن وكلينتون وغيتس ومستشار الأمن القومي توماس دونيلون كانوا "قلقين للغاية من أن الرئيس والبيت الأبيض وأعضاء فريق الأمن القومي يميلون بشدة لضرورة تغيير النظام في مصر." ووفق غيتس فإن "أعضاء فريق الأمن القومي دعوا الرئيس للوقوف بقوة مع المتظاهرين في مصر لأنهم أرادوا أن يكون أوباما على الجانب الصحيح من التاريخ"، بينما دعا بايدن وكلينتون وغيتس ودونيلون للتحرك بحذر، محذرين من "تبعات التخلي عن حليفهم لثلاثين عاماً".
"الآن تعني أمس"
خوفاً من أن الانتفاضة الشعبية في شوارع المدن المصرية قد تؤدي إلى نتائج شبيهة بما حدث مع الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩، اجتمع غيتس مع دونيلون وعبر له عن "قلقه العميق من أن الرئيس أوباما لن يستطيع من خلال بضع بيانات وتصريحات أن يمسح من ذاكرة المصريين تحالف واشنطن لعقود مع مبارك"، وأن على واشنطن أن تدعو "لانتقال منظم للسلطة" لتفادي أي فراغ في الحكم. أما هيلاري كلينتون فاستخدمت عبارة "الانتقال المنظم للسلطة" خلال مقابلة أجرتها يوم الثلاثين من يناير. لاحقاً، كتبت هيلاري كلينتون في مذكراتها أن استخدامها لعبارة "انتقال منظم للسلطة" بدلاً من "عبارة انتقال فوري للسلطة" كان مقصوداً، لأنها كانت تعتقد أن هذا النوع من الخطاب قد يساعد مصر على تحقيق الإصلاحات الضرورية بسلاسة.
في هذه الأثناء كان السفير الأمريكي الأسبق في مصر خلال الثمانينات، فرانك ويزنر، في القاهرة للتحدث مع مبارك كمبعوث لأوباما. كانت مهمة ويزنر إقناع مبارك بإنهاء قانون الطوارئ والتعهد بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر وإعلان أن نجله جمال لن يترشح أيضاً أو يخلفه في السلطة. وتقول هيلاري كلينتون في مذكراتها إن مهمة ويزنر استندت لتوصياتها، والتي عكست رغبتها منذ البداية في "انتقالٍ منظم للسلطة".
في الأول من فبراير ألقى مبارك خطابه الثاني والذي تعهد فيه بما كانت إدارة أوباما قد طلبته منه. في أعقاب الخطاب حاول غيتس ومعه وزيرة الخارجية كلينتون إقناع أوباما بإن قطع العلاقة مع مبارك سوف يكون له تبعات سلبية على علاقة واشنطن بأصدقائها العرب في المنطقة. كان وزير الدفاع غيتس مشغولاً بمعرفة من سيتولى حكم مصر بعد مبارك، في حال أرغمته واشنطن على الاستقالة. وخلال اجتماع حضره دونيلون وبايدن وكلينتون ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولن وفريق الامن القومي، عرض غيتس على أوباما وجهة نظره التي ترى أن على الولايات المتحدة "أن تدع مبارك يرحل عن السلطة وهو يحتفظ بكرامته، ما سيمهد الطريق لانتقال السلطة إلى المدنيين بطريقة منظمة. وهو الأمر الذي سيرسل الى حلفاء واشنطن في المنطقة رسالة مفادها أنها لن تلقي بهم للذئاب."
لكن أعضاء فريق الأمن القومي من الشباب كانوا يدفعون باتجاه إرسال رسالةٍ أقوى وهي أن على مبارك أن يترك الحكم خلال أيام. حاول أركان الإدارة الأكبر سناً إقناع الرئيس باختيار كلماته بحذر خلال التحدث مع مبارك، وجادل غيتس بأن استخدام كلمة "الآن" للإشارة الى انتقال السلطة، لن يكون أمراً مناسباً. واتفق الأعضاء الرئيسيون في الإدارة الأمريكية على أنه لا يجب إعلان مضمون مكالمة أوباما مع مبارك. لكن أوباما اختار، وفق غيتس وكلينتون، أن يصغي للأعضاء الشباب في فريق الأمن القومي، وأن يقول لمبارك أن "انتقال السلطة المنظم يجب أن يبدأ الآن"، وأن يتم الإعلان عن مضمون المكالمة. في صباح اليوم التالي، سئل المتحدث باسم البيت الأبيض عن معنى كلمة "الآن"، فأجاب: "الآن تعني أمس".
شبح الثورة الإيرانية
لم يكن الخوف من تحول الانتفاضة الشعبية المصرية إلى ثورة شعبية تؤدي إلى وصول الإسلاميين للحكم كما حدث في حالة الثورة الإيرانية أمراً يخشاه المسؤولون الأمريكيون فقط. فوفقاً لغيتس فإنه تلقى مكالمةً غاضبة من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، والذي عبر فيها عن دهشته عن أن ما يسمعه من غيتس ونائب الرئيس بايدن مختلف عن الذي يسمعه من البيت الأبيض عبر وسائل الإعلام، وأن على واشنطن أن تدرك أن "النتيجة الوحيدة المتوقعة لسقوط مبارك هي أن تصبح مصر نسخة سنية من إيران"، وأن موقف أوباما من مبارك شبيه بموقف الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر من شاه إيران خلال الثورة الإيرانية.
في الثاني من فبراير، اشتبك مناصرون لنظام مبارك يركبون الجمال والأحصنة مع المتظاهرين في ميدان التحرير فيما عرف باسم "موقعة الجمل"، بينما لم تتحرك قوات الجيش التي كانت تحاصر الميدان لفض الاشتباك. في الليل قتل خمسة برصاص قناصة وجرح أكثر من ثمانمئة. بعد الاشتباكات العنيفة والتي نقلت وقائعها شبكات التلفزيون الإخبارية حول العالم، قررت إدارة أوباما أن تكثف من اتصالاتها مع وزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان ونائب الرئيس اللواء عمر سليمان والذي كان قد تم تعيينه خلال الأزمة.
من خلال الاطلاع على بيان وزارة الخارجية الأمريكية الصادر يوم الثاني من فبراير، يمكن ملاحظة أن واشنطن قررت بعد "موقعة الجمل" عزل مبارك عبر الاتصال بالجنرالات الثلاثة: طنطاوي، عنان، سليمان. فوفقاً للبيان فإن كلينتون اتصلت هاتفياً بسليمان و"شددت على أهمية الدور الذي لعبه الجيش المصري في عدم التحرك ضد المظاهرات السلمية". أما غيتس فتحدث مع طنطاوي وشدد على الحاجة "لأن يكون انتقال السلطة حقيقي، سلمي، وأن يبدأ الآن." كما عبر له عن قلقه من أن انتقال السلطة إذا لم يبدأ الآن فإن الأوضاع في مصر قد تخرج عن نطاق السيطرة. أما رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مولن فتحدث مع عنان وعبر عن رغبته في حدوث "انتقال سلمي للسلطة"، فيما أكد عنان لمولن أن الجيش المصري لن يطلق الرصاص على الناس.
كانت تلك هي اللحظة التي قررت فيها واشنطن عزل مبارك والاعتماد على الجيش لضمان ألا تتحول الانتفاضة الشعبية في القاهرة إلى ثورة إيرانية أخرى.
الرهان على سليمان
في الأيام التالية كثفت واشنطن من اتصالاتها مع سليمان، ما أوحى بأنه ربما يكون الرجل الذي تثق في قدرته على تحقيق "الانتقال المنظم والسلمي للسلطة". في الثامن من فبراير تحدث بايدن مع سليمان وجدد له "دعم الولايات المتحدة لانتقال حقيقي، سلمي، منظم، فوري، وشرعي للسلطة". لكن سليمان شكا لبايدن من "أن مهمة التفاوض مع المتظاهرين في التحرير ليست مهمة سهلة لأنهم لا يملكون قيادة يمكن التحدث معها." (البيت الأبيض، مكتب نائب الرئيس ٨ فبراير ٢٠١١)
في العاشر من فبراير أعلن التلفزيون المصري أن مبارك سوف يلقي خطاباً هذا المساء. رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ليون بانيتا قال لأعضاء في الكونجرس يومها "أن هناك احتمالية كبيرة أن يتنحى مبارك عن الحكم هذا المساء".
لكن خطاب مبارك الثالث أتى مخيباً لآمال المتظاهرين في التحرير وإدارة أوباما، وحتى لأركان نظام مبارك نفسه. فقد رفض التخلي عن السلطة وأعلن أنه سينقل سلطاته لنائبه سليمان. بعد الخطاب قرر الآلاف من المتظاهرين في التحرير التوجه للقصر الرئاسي. بدا لواشنطن أن الأمور في القاهرة تخرج عن السيطرة وأن مصر سوف تصبح "نسخة سنية من إيران". تحدث غيتس مع طنطاوي لمعرفة ما الذي يحدث. أخبره طنطاوي بأن جميع سلطات الرئيس باتت في يد سليمان وأن مبارك سيغادر لمنتجع شرم الشيخ، وأن الجيش المصري سوف يحمي الشعب. ومن اللافت أن غيتس لم يطلب من طنطاوي إزاحة مبارك عن السلطة، لكنه شدد على أن واشنطن تريد أن تفي الحكومة المصرية بوعودها في الإصلاح. كان انتقال السلطة بشكل "آمن ومنظم" في القاهرة لطرف تثق فيه الولايات المتحدة أمراً أهم من مصير مبارك.
في الحادي عشر من فبراير أعلن سليمان تنحي مبارك عن السلطة وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة حكم البلاد، وهو ما أعتبرته واشنطن بدايةً لعملية "انتقال منظم للسلطة". في بيانه الأول تعهد المجلس العسكري بنقل السلطة لحكومة مدنية منتخبة وبالالتزام بجميع المعاهدات الدولية. في مذكراتها اعتبرت كلينتون أن هذه العبارة كانت "من أجل أن تطمئن إسرائيل أن الحكم الجديد سيلتزم بمعاهدة السلام التي يعد الحفاظ عليها واحداً من أهم المصالح الأمريكية في المنطقة."
الاستقرار يأتي أولاً
كان من الواضح خلال الأيام الثمانية عشر للثورة المصرية في يناير ٢٠١١ أن الولايات المتحدة لا يعنيها مصير مبارك بقدر ما يعنيها الحفاظ على الاستقرار في مصر، لأن ذلك سوف يحفظ لواشنطن مصالحها الحيوية في المنطقة.
منذ عام ١٩٧٩ كانت المطالب الأمريكية من النظام المصري تتمثل في خمسة أمور:
١. الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل.
٢. تقديم غطاء سياسي للتحركات الأمريكية في المنطقة كما حدث في حرب تحرير الكويت عام ١٩٩١.
٣. تقديم تسهيلات عسكرية للقوات الأمريكية في المنطقة بما فيها حق استخدام المجال الجوي والبحري المصري واستخدام القواعد العسكرية.
٤. تبادل المعلومات الاستخباراتية حول الجماعات الاسلامية المتشددة.
٥. تحرير الاقتصاد المصري وربطه بالاقتصاد العالمي، لأن ذلك سيعني ربط النظام أكثر بواشنطن.
ومن اللافت أن مبارك أخبر وزير خارجيته أبو الغيط في عام ٢٠٠٥ بأنه "يدرك أن الأمريكيين يريدون إنهاء حكمه ... وأن المتغطي بالأمريكان عريان". (مذكرات أبو الغيط، الجزء الأول)
حينها لم يكن الأمريكيون يشكون في وفاء مبارك بالمطالب الاستراتيجية الأمريكية الخمسة، ولكن كانت لديهم مخاوف من أنه لم يضع مساراً واضحاً لانتقال السلطة في حال وفاته. كانت سيناريوهات "اليوم التالي لمبارك" هي أكثر ما تخشاه واشنطن على الاستقرار في مصر.
خلال أيام الثورة المصرية بدا واضحاً لأوباما أن دعم مبارك سوف يتحول لعبء على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. كما بدا لأركان إدارته مثل غيتس وكلينتون أن التخلي عن مبارك سيعني عدم ثقة الأصدقاء العرب في واشنطن وتذكيرهم بما حدث لشاه إيران عام ١٩٧٩. لكن أوباما كان يعتقد أن الاستمرار في دعم مبارك هو ما سيؤدي إلى أن تتحول مصر "لإيران سنية"، وأن الحفاظ على الاستقرار لن يكون سوى بدعم الجيش كي يتولى السلطة لفترة انتقالية باعتباره العمود الفقري للدولة المصرية. رغم الخلاف بين أوباما وأركان إدارته حول مصير مبارك، كانوا متفقين على أن العلاقات العسكرية الأمريكية المصرية الممتدة خلال ثلاثة عقود سوف تكون ضماناً لواشنطن في الحفاظ على المطالب الاستراتيجية الخمسة من القاهرة.