Sunday 24 March 2013

المارد الذي خرج بعد الثورة

الصورة من المجموعة الخاصة بأحمد زكي - لندن
شريف علاء*

كشف الربيع العربي عن مارد كان كامناً في قمقمه سنين طوال، كان يظهر على استحياء وفي خوف قبل قيام الثورات فإذا ظهر استنكره الجميع وحاربه حتى عاد إلى مخبأه. كلما كان يعود إلى هذا المخبأ كان يظن الجميع أنه قد فارقنا إلى غير رجعة حتى يفاجئنا مرة أخرى بظهوره. أما بعد قيام الثورات فقد صار حراً طليقاً يجول في شوارع القاهرة وتونس وطرابلس ودمشق دون الحاجة إلى أن يختبئ؛ عن العنف المجتمعي أتحدث.

لا أحد يختلف على شمولية الحكام في العالم العربي، ولا سيما في الدول التي قامت بها الثورات. الدولة البوليسية القمعية التي أبدعت في تعذيب المواطنين وابتكرت أحدث الأساليب في زيادة معاناة الكادحين كان لابد من أفولها بل وانهيارها. أسطورة الدولة الأمنية التي تعرف الأمور حتى قبل حدوثها صارت في طي النسيان. فقد سقط بن علي ومن بعده مبارك في أسابيع بل أيام قليلة، ثم لحق بهما معمر القذافي بعد ثورة بدأت بلافتات في أيدي المتظاهرين ثم تحولت إلى حرب أهلية ومدافع في أيدي المحاربين.

ولكن سقوط القذافي كان أشبه بناقوس خطر للجميع. فقد قام معارضو القذافي بقتله والتمثيل بجثته والتمتع بتصوير هذه اللحظة في مشهد أشبه بفيلم رعب يصور حياة قاتل متسلسل مريض نفسياً. هذه ليست المشكلة الوحيدة، فالكارثة الأكبر كانت مباركة الملايين من الليبيين والعرب لهذا العمل الوحشي بحجة أن "هذا هو ما جناه من أعماله" وكأننا نعيش بقوانين الغابات. إذا حدثت أحدهم عن الحق في المثول أمام العدالة والقضاء (سواء على المستوى الوطني أو الدولي) اتهموك بالعمالة أو بعدم إيمانك بالثورة وفي أحيان كثيرة بأنك "من فلول النظام". منطقهم أن القذافي –على سبيل المثال- كان لا يحترم حق معارضيه في المحاكمة العادلة لذا يجب ألا يتمتع هو نفسه بهذا الحق.

إذا كيف فرقتم أنتم عنه؟

هذا الحادث لم يكن هو الأول وليس هو الأخير، ولكنه كان حدث جلل نستحق أن نقف عنده. ففي مصر على سبيل المثال مع سقوط مبارك ارتفع معدل الجريمة إلى أقصى درجاته في التاريخ بشكل ينفي عن مصر أنها "بلد الأمن والأمان". ليس فقط من الناحية الكمية، بل أيضاً من الجانب الكيفي. فقد شهدت مصر جرائم لم تعرفها من قبل مثل سرقات البنوك بالأسلحة، أو إطلاق النيران على أكبر طريق بمدينة القاهرة لاستيقاف سيارة وسرقة محتوياتها في وضح النهار. والعقلية التآمرية بالطبع وجدت التربة الخصبة لزرع كافة المؤامرات لتبرير هذه الظاهرة. فمال الكثيرون إلى أن النظام السابق يستغل "البلطجية" من أجل ترويع المواطنين حتى يكفروا بالثورة ويتمنوا لو أن مبارك يعود يوماً. ومال بعض التآمريين -الأكثر عقلانية من غيرهم- إلى أن هؤلاء المجرمون كان يتم استخدامهم من النظام السابق، فلما سقط النظام أصبح هؤلاء بدون عمل فاتجهوا إلى هذا النوع من الجرائم.

بالطبع انهيار الشرطة في مصر ووجود فراغ أمني "أو انفلات أمني" أدى إلى ارتفاع معدل الجريمة. ولكن حتى في المناطق التي تشهد تواجداً أمنياً بشكل نسبي نجد أن المجرمين يمارسون أعمالهم غير عابئين بوجود قوات أمن، بل وصل الأمر إلى اشتباكات بالأسلحة وسقوط قتلى بين صفوف الطرفين. قد لا يهتم الكثير لهذا الأمر حيث يعتبرونه ظاهرة أمنية وليست اجتماعية. فكل مجتمع فيه المجرمون ولا يوجد مجتمع خال من الجريمة.

ولكن الأمر في دول الربيع العربي –ولازلنا في تحليل مصر- تعدى كونه ظاهرة أمنية وأصبح ظاهرة اجتماعية أو مجتمعية. الجرائم في مصر تغيرت تماماً بعد قيام الثورة. لا أحد ينكر وجود التحرش الجنسي في مصر منذ سنين، ولكن الأمر الآن وصل إلى مرحلة الإغتصاب الجماعي للفتيات في الميادين العامة وقت الظهيرة، بل وفي أشهر ميادين العالم وأكثرها اكتظاظاً بالمارة والمتظاهرين: ميدان التحرير. هذا الميدان شهد العديد من حالات الاعتداء الجنسي وهتك العرض وجرائم اغتصاب جماعي يرى البعض أنها منظمة وممنهجة من قوى سياسية لحث المرأة على عدم التظاهر، ويرى البعض أنها تلقائية أو وليدة اللحظة من شباب يعاني من الكبت وافتقاد الإطار القيمي أو الأخلاقي الذي قد يردعه. ويفسره بعض المحافظين على أنه دليل على بعد الشباب عن الدين بسبب الإعلام والفن الذين "يظهروا صورة تتعارض مع الدين" على شاشاتهم.

وعلى الصعيد السياسي، فمع زيادة استخدام العنف من قوات الأمن لمواجهة التظاهر والغضب الشعبي لجأ المتظاهرون إلى إلقاء الحجارة، ثم الزجاجات الحارقة والتي يؤكد البعض أنها من "قلة مندسة" لإثارة الفتن أو أنها ليست من صنع الأمن أو المتظاهرين وإنما هي من تدبير "طرف ثالث". بينما يرفض بعض المتظاهرين هذا المنطق في الحديث ويؤكدون على استخدامهم هذه الأسلحة لمواجهة بطش الشرطة (أو الجيش) وأن الثورة المصرية لم تكن سلمية من الأساس حيث قامت الجموع الغاضبة بإحراق جميع مراكز الشرطة على مستوى الجمهورية فيما سُمى "بجمعة الغضب". ثم تطور الأمر بعد ذلك في الشهور والأسابيع الماضية ليصل إلى عنف بين المواطنين وبعضهم لاختلافات سياسية. فمثلاً قام مؤيدو الرئيس بمهاجمة معارضيه فيما عرف بـ"جمعة كشف الحساب" ثم وصل الأمر إلى قيام المؤيدين باحتجاز المعارضين وتكبيلهم في أسوار قصر الرئاسة والإعتداء عليهم وفق بعض شهادات الضحايا في الإعلام.

وإذا نظرنا إلى باقي بلدان الربيع العربي فما أشرت إليه ليس ببعيد وينطبق عليهم أيضاً. فمثلاً حينما تم نشر الفيلم المسيء للرسول قامت مظاهرات غير سلمية أمام سفارات الولايات المتحدة الأمريكية حيث قام المتظاهرون باقتحام السفارة وحرق العلم في أكثر من دولة عربية. كما قاموا برفع صور لأسامة بن لادن وشعارات معادية لليهودية والمسيحية ومنها رفع صورة هتلر وشعار النازية. وفي بعض الأحوال سقط قتلى أثناء محاولاتهم اقتحام السفارة مثلما حدث في اليمن.

بل وصل العنف إلى المساجد والكنائس أيضاً، فرأينا بعض المتشددين في أكثر من مناسبة يقومون بالإعتداء على كنيسة سواء بحجة أنه تم احتجاز سيدة مسيحية أسلمت داخل الكنيسة أو في حالة وجود شجار بين مسلم ومسيحي فيتطور الأمر إلى هدم الكنيسة. كما تم استخدام المنابر الدينية في أعمال تصب في زيادة العنف، فقد أفتى أحدهم منذ شهور في تونس بأن شكري بلعيد كافر ومرتد ويجب قتله وأن دمه حلال. وبعدها بشهور تم اغتيال القيادي اليساري المناضل. لن أخوض في البحث عن من يقف وراء اغتياله ولكن من الوارد جداً أن أحدهم قد استند في فعله هذا إلى الفتوى المشار إليها. كما رأينا بعض القنوات الدينية تفتي بفتاوى مشابهة بقتل معارضين في مصر مثل محمد البرادعي -الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية وأحد رموز المعارضة- وحمدين صباحي القيادي بالتيار الشعبي والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة المصرية.

المعارضة الآن في أكثر من دولة تلجأ أيضاً إلى العنف، فقد رأينا اعتداءات على مقرات النهضة في تونس ومقرات الإخوان المسلمين في مصر. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد بدأ يؤمن الكثيرون بأن استرداد الحقوق أو القصاص لا يتم إلا بالقوة. فظهرت في الآونة الأخيرة مجموعات ملثمة تقوم بقطع الطرقات أو تعطيل المرور أو تجهيز الزجاجات الحارقة للمظاهرات. وقد امتد هذا الحس الإنتقامي ليصل إلى جميع فئات المجتمع سواء الشرطة أو الشعب. فقرأنا في الأخبار عن أن بعض أفراد الشرطة المصرية والمواطنين قاموا بدهس أحد الخارجين على القانون بالأقدام حتى الموت لاشتباههم في أنه قد قتل ضابط شرطة. وخلال الأسابيع الماضية تم نشر خبر تقشعر له الأبدان حيث قام بعض سكان إحدى القرى في صعيد مصر بحرق رجل مريض عقلياً لأنه "يضايق المارة بإلقاءه الحجارة عليهم".

يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال كما النعام حتى لا تستمر هذه الظاهرة في الزيادة. الكارثة الأضخم هي أن معظم هذه الجرائم لم يتم الإعتراف بها كجرائم، ومن قام بها يمارس حياته اليومية بشكل طبيعي ولا يرى أنه قام بعمل إجرامي كالتحرش بفتاة أو هدم كنيسة أو التحريض على القتل أو الإعتداء على أحد المعارضين أو حرق مجنون أو سحل مجرم. فلكل جريمة من هذه الجرائم "تبريرات منطقية" في رأيهم. الأمر سيزداد سوءاً إذا أنكره الجميع. فمكافحة العنف المجتمعي هي مسئولية الجميع. بالطبع يقع الجزء الأكبر من المسؤولية على السلطات وقوات الأمن المفترض بها تطبيق القانون ومنع الفوضى، إلا أن هذا لا ينفي أن على كل فرد في المجتمع أن ينبذ العنف وألا يؤمن بمنطق القصاص الفردي وإلا عدنا إلى عصور ما قبل التاريخ.

ملاحظتي هي أن هذا العنف كان دفيناً داخل الأفراد بسبب سوء المعيشة والإحساس بالظلم والقهر ولكنه كان مصحوباً بالإحساس بالخوف من بطش الأنظمة. ولكن كسرت الثورات هذا الحاجز النفسي المتمثل في الخوف مما أطلق العنان لممارسة العنف بسبب عدم إيمان الشعوب بأن هناك سيادة للقانون وأن هناك عدلاً سيأخذ مجراه في حالة وقوع الظلم. إصلاح منظومتي العدل والأمن يجب أن يكون أولوية في دول الربيع العربي ما بعد الثورات.

*ناشط في مجال مراقبة الانتخابات، ويعكف حاليا على دراسة الماجستير في مجال العلاقات الدولية في جامعة كينجز كوليدج بلندن.

Wednesday 13 March 2013

خربشات تويترية: مرسي.. نشكر لكم حسن تعاونكم

الصورة من المجموعة الخاصة بأحمد زكي
 أكتر من موقف حصل في الفترة الأخيرة (أبرزها عدم دعوة مرسي ليوم الشهيد ونقل صلاة الجمعة اللي حضرها وزير الدفاع) تؤكد إننا داخلين على منعطف جديد.

أولا: البلد بتقع اقتصاديا بعد ما انهارت أمنيا. سكان المحافظات بيتمردوا ويدخلوا تحت حماية الجيش. دة وضع لو ما تلحقش يبقى داخلين في حرب أهلية.

ثانيا: لأول مرة يبدأ مكتب الإرشاد يدرك إن شعبية الإخوان في الأرض بسبب فشل إدارة مرسي للاقتصاد. صحيح شعبية المعارضة صفر، بس شعبية الجيش بتطلع بشكل مخيف ومضر للإخوان.

ثالثا: واضح إن الأجهزة السيادية في الدولة وتحديدا الجيش والمخابرات عزلوا مرسي بالكامل. الرجل تحول الى عبء عليهم Liability وممكن يجرهم ويجر البلد للانهيار الكامل أو الحرب الأهلية.

رابعا: الجيش مش عايز يرجع الحكم ولكن أولوياته في البداية كانت إن السياسيين لا يتدخلوا في شؤونه، والآن أصبح هدفه أنه يكون حامياً لفكرة الدولة.

خامسا: إحنا على بعد خطوات من انهيار الدولة. فيه ناس بتقول إن مصر too big to fall. دة كلام فارغ. الغرب عنده خطط للتعامل مع إن مصر تبقى الصومال وفيه تجارب سابقة لدول أكبر من مصر، وقعت أو فكت تحالفها معاه، والغرب عرف يتعامل مع تبعات ذلك.

سادسا: نتيجة لكل ما سبق أصبح من المستحيل بقاء مرسي رئيسا كاملا، وإلا المغامرة بانهيار الدولة الى الأبد. وابقى قابلني لو قامت خلال عشر سنوات.

سابعا: مكتب الإرشاد، إدراكا منه لفشل مرسي في تحقيق مشروعه في الحكم، منفتح لفكرة التخلي عن مرسي. ودة شيء يحترم فيهم. المهم المشروع مش الشخص.

ثامنا: أشرت الى انقلاب في تركيا والذي تخلوا فيه عن أربكان دون تغيير الدستور أو حل البرلمان، واللي حيحصل بمصر شبيه بدة.


تاسعا: الناس لما بتسمع كلمة انقلاب تتخيل إن الدبابات تنزل الشارع. دة غير صحيح. إجراء انتخابات مبكرة يعني الانقلاب أيضا. بيسموه  postmodern coup

عاشرا: حجم الصفقات وجلسات التفاوض السرية بين الأطراف التالية: الجيش والاخوان والسلفيين وجبهة الانقاذ، كبير، ومفيش خطوة حتتعمل غير بتحالفات.

الحادية عشر: مرسي أمامه طريقين: رئيس ديكور وحكومة يشرف عليها الجيش، أو انتخابات مبكرة وعدم ترشحه فيها. الجيش ممكن يقدم فيها مرشح وحتكون فرصه كبيرة.

الثانية عشر: التوكيلات اللي بتحصل للسيسي لإدارة البلاد بتدل على رغبة أقسام كبيرة من الشعب. الناس وصلت لمرحلة من اليأس إنها بتتكلم عن عودة مبارك!

الثالثة عشر: اللاعب الأهم في مصر هو حزب الكنبة اللي بيشكل 40 بالمئة على الأقل من الشعب. والحزب دة أسقط الاخوان والمعارضة من حساباته وعايز الجيش.

الرابعة عشر: فيه معلومات غير مؤكدة عن خطوط اتصال بين أبوالفتوح والجيش. ممكن دة يكون الرئيس القادم مع وضع حمدين أو البرادعي كنائب. وممكن يكون فيه سيناريو آخر. كله في علم الغيب. ولكن المؤكد إن المخابرات والجيش حيكون ليهم دور في تحديد مواصفات الرئيس القادم.

الخامسة عشر: واشنطن بتحب تكلم شخص واحد فقط يكون مسيطر. ودة غير متاح. فيه خط اتصال مع الجيش وخط مع الاخوان وخط مع المعارضة ولكن كل دول مش مسيطرين.

أخيرا: كل ما سبق قد يكون كله صحيحاً، أو بعضه صحيحاً، والله أعلم بما سنصير إليه.
  

Thursday 7 March 2013

خربشات تويترية: خطتي كرئيس وزراء

الصورة من المجموعة الخاصة بأحمد زكي
تبدو مصر الآن في وضع يمكن وصفه باستخدام الكلمة الانجليزية Deadlock. أي أنه لا يوجد في الأفق مخرج لما تمر به البلاد من تخبط. مثلاً، هناك طرحٌ يقضي بحل الحكومة الحالية وبإشراك المعارضة في معادلة الحكم عبر تكليف الدكتور محمد البرادعي أو حمدين صباحي بتشكيل حكومة وحدة وطنية وإعطائها كافة الصلاحيات مع التركيز على إنقاذ الوضع الاقتصادي.

لكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض والهجوم من أنصار جماعة الإخوان، التي لا تزال تعتقد أنها قادرة على الانفراد بحكم مصر والنهوض بها، أو من أنصار جبهة الإنقاذ الوطني التي تعتقد أن التعامل مع جماعة الإخوان يعني منحهم شرعية لا يستحقونها.

بصرف النظر عن هذا الاقتراح أو غيره، فكرت أن أمارس السباحة الحرة في الخيال وأبدأ في وضع برنامج لإدارة مصر، حال تكليفي بتشكيل الحكومة وإعطائي الصلاحيات الكاملة لوضع رؤيتي للنهوض بالبلاد.. وتلك كانت النتيجة:

طيب أنا مستعد أدير شؤون مصر.. وأعتقد جازماً إني سأديرها بشكل أفضل من هشام قنديل. وحكلف الجيش بالسيطرة على وزارة الداخلية لحين إعادة هيكلتها.

بالنسبة للاقتصاد، حاعمل خصومات ضريبية لكل من يستثمر ويشغل عدد من الناس، وكلما كان عدد من يعملون في المشروع أكبر، كلما كان الخصم الضريبي أكبر

حاعيد تقسيم مصر إدارياً وحامنح المحافظين سلطات أكبر بعد أن يجري اختيارهم عبر الانتخاب. وحانقل كل المصالح الحكومية والسيادية إلى خارج العاصمة.

كرئيس وزراء حاشكل حكومة صغيرة لن يزيد عدد حقائبها عن ١٢. وحيتم بيع الصحافة القومية للقطاع الخاص. وضغط النفقات الحكومية على الوزراء بنسبة ٨٠٪.

حاستثمر٦٠٪ من الموارد في إقامة مشاريع تكنولوجية في محافظات الصعيد والوادي الجديد. حاقوم بتسكين أهل النوبة حول بحيرة ناصر وتدريس اللغة النوبية في مدارسهم وإعادة إحياء الثقافة النوبية كمكون أساسي ضمن مكونات الثقافة المصرية.

حاحط صفر جمارك على كل السيارات التي تعمل بالكهرباء أو انبعاثات الكربون أقل من ١٠٠ جرام في الميل. وحامنع دخول السيارات إلى وسط البلد نهائياً. وحاربط الجمارك على السيارات بانبعاثات الكربون. كلما كانت السيارة صديقة للبيئة كلما كانت الجمارك عليه أقل. وحادعم صناعة السيارات والمركبات الصديقة للبيئة في مصر عبر رفع جميع الضرائب والجمارك على المصنعين والمستثمرين الأجانب اللي حابين يصنعوا تلك السيارات في مصر.

الصورة من المجموعة الخاصة بأحمد زكي
حافتح باب الاستثمار الخاص في قطارات فائقة السرعة بين القاهرة والإسكندرية وأسوان. حاحط شروط قاسية جداً للبناء في القاهرة والإسكندرية. التوسع يكون خارجهما. ويكون مرتبط بصناعات ووظائف وخدمات خارج المدن الكبيرة.

حارفع الحد الأدنى للأجور وحاثبت أسعار السلع الأساسية لو حصل تضخم في أسعارها، وحاخلي الدولة تستوردها بصفر جمارك لحد ما السعر ينخفض بشكل معقول.

الحد الأقصى للأجور في الدولة حيكون عشر أضعاف الحد الأدنى. وأي مرتب في القطاع الخاص يتجاوز ٣٠ ألف جنيه، عليه ٤٠ في المئة ضرائب. عدا العلماء والكفاءات الخاصة.

حاتبع الطريقة السنغافورية في القضاء على الفساد الحكومي وحاعمل تشريعات ترفع عقوبة الفساد في قطاعات الصحة والتعليم.

حاعمل حوافز للشباب للإقامة في سيناء: إعفاء كل السلع الأساسية هناك من الجمارك. وتشجيع الاستثمار الزراعي والصناعي وإعطاء الأولوية لأبناء سيناء.

حاقوم بحملة تطهير للقضاء والنيابة وإعادة هيكلتهم وفصلهم بالكامل عن السلطة التنفيذية. حاقوم بتطوير القضاء تكنولوجياً لمنع التلاعب في القضايا.

حاقوم بإعادة هيكلة قطاع الصحة وفرض عقوبات قاسية جداً بالنسبة لجرائم الإهمال الطبي. وحاستثمر بكثافة في البحوث الطبية وإنشاء مستشفيات بحثي ومدن طبية خارج المدن الكبر وتحديداً في الصعيد.

حاستثمر بكثافة في التعليم الفني وحارفع مستوى التعليم لحد الثانوية العامة عبر الاستثمار بكثافة فيه، ولكن حاقوم بمنح مجانية التعليم الجامعي للمتفوقين فقط أو عبر قروض حكومية لبقية الطلاب.

حايكون المشروع القومي الأول للدولة هو القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع عبر إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، وبالتوازي حيكون مشروع القضاء على التحرش هو الأولوية لجميع أجهزة الدولة، عبر تغليظ العقوبات بشكل رهيب ووضع كاميرات مراقبة في كل مكان.

الأفكار مش صعبة، المهم الرؤية والإرادة.. ومصر حالياً مفهاش لا رؤية ولا إرادة.

ملاحظة: هذه الأفكار كانت عفوية ونتاج ساعة من التغريد على تويتر، دون التفكير العميق في تفاصيلها، بس الهدف منها إثبات إن هشام قنديل مالوش فيها..!

Tuesday 5 March 2013

رئيس.. جنرالات.. ودولة تترنح

الصورة من المجموعة الخاصة بأحمد زكي

في عام ١٩٩٧ تخلص الجيش التركي من حكومة نجم الدين أربكان دون أن يلجأ إلى حل البرلمان أو تعطيل الدستور. أطلق علماء السياسة على هذا الانقلاب مصطلح postmodern coup. منذ عدة أسابيع بدا أن الجيش المصري قد أدخل إلى عالم السياسة مصطلحاً جديداً وهو post-postmodern coup. تصريحات رئيس الأركان لوسائل الإعلام وتصريحات وزير الدفاع، وسيطرة الجيش على بورسعيد، والرغبة المشتركة بين البنتاغون والعباسية في إبقاء علاقاتهما بعيدة عن قصر الاتحادية، كلها أمور تؤكد أن الانقلاب العسكري المتوقع حدث بالفعل.

لكن هذا الانقلاب العسكري الجديد لا يعني نزول الدبابات إلى الشوارع (وقد نزلت بالفعل في محافظات القناة) ولا يعني طرد مرسي من القصر الجمهوري، وإنما يعني الإبقاء عليه كرئيس شرفي يتولى ملف العلاقة السياسية مع حماس أو تمثيل مصر في المؤتمرات الإقليمية أو الاجتماع برموز سياسية موالية له ضمن مسرحيات "الحوار الوطني".

هل ولاية مرسي اقتربت على الانتهاء؟

الأمر أعقد من ذلك. وفق كلمات مرسي فإنه لن يترك القصر قبل "طلوع روحه أو انتهاء ولايته". والجيش لا يريد أن يخلع مرسي بدون تفويض شعبي كاسح، كما حدث مع مبارك. وهذا لن يتحقق بسبب الانقسام الحالي في الشارع.

لا أحد يعلم كم يملك مرسي وجماعة الإخوان من متعاطفين وأنصار في الشارع، ولكن بعض التقديرات تتحدث عن رقم يتراوح بين خمسة إلى سبعة ملايين شخص. وضمن هذا العدد من الناس، فإن هناك من هو مستعد لحمل السلاح من أجل "المشروع الإسلامي". يكفي أن نعلم أن تنظيماً مسلحاً مكوناً من مئة شخص فقط، قادر على أن يجعل دولاً كبرى تعيش في رعب. فكيف إذا واجهت الأجهزة الأمنية أو الجيش تنظيماً مكوناً من بضعة آلاف، مدعومين بتعاطف عدة ملايين من الناس.

الصورة من المجموعة الخاصة بأحمد زكي

إذن مرسي لن يترك القصر قبل انتهاء ولايته. وعلى الأرجح لن يتم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ولكن سيتحول مرسي من رئيس جمهورية إلى رئيس شؤون القصور الجمهورية. فالرجل فقد التفويض الشعبي بعد فشله في إدارة أزمات الدولة، ورغبته في أن يكون ممثلاً لمكتب الإرشاد على رأس الدولة، وليس رئيساً مستقلاً عن جماعته التي صنعته. وهذا أمر منطقي بالنظر إلى إمكانياته الضعيفة في القيادة أو التفكير.

هل يريد الجيش العودة للحكم؟

قبل ليلة من إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، كنت أجلس مع مجموعة من الأصدقاء في قهوة بحي عابدين في القاهرة. بينما نحن نتحدث عن السيناريوهات المتوقعة في حال فاز مرسي أم فاز شفيق، وموقف المجلس العسكري خلال الفترة التي ستعقب اختيار رئيس جديد للبلاد، شاهدت قافلة من السيارات المدرعة التابعة للشرطة وهي تتجه إلى قصر عابدين الجمهوري. أكثر ما أدهشني أن هذه القافلة لم تثر انتباه أياً من أصدقائي. بدا لي أن القاهرة اعتادت على رؤية المدرعات والمصفحات والحواجز الأسمنتية والاشتباكات المسلحة التي يسقط فيها قتلى وجرحى من أطراف سياسية أو من مارة، تصادف حظهم العثر المرور من هذا الشارع أو ذاك الميدان!

خلال النقاش، دافع صديقنا "الثوري" عن وجهة نظره بأن مصر جديدة بدون حكم عسكري ستبدأ بعد ساعات. بينما دافع صديقنا "الواقعي" عن وجهة نظره بأن مصر محكومة بعوامل أكبر من أن يتم تغييرها عبر نتيجة انتخابات. ثم سأل صديقنا "الواقعي" صديقنا "الثوري": أنا معايا الدبابة.. أنت معاك أيه؟

بدا لي هذا السؤال هو العنوان العريض لما سيحدث في مصر.

فالجيش لا يريد العودة للحكم. تاريخياً لم يحكم الجيش مصر سوى مرتين. المرة الأولى بين عامي ١٩٥٢ و١٩٥٤. والمرة الثانية بعد خلع مبارك وحتى تسليم السلطة إلى مرسي في ٢٠١٢. بعد عام ١٩٥٤، خلع الضباط بدلاتهم العسكرية وحكموا من خلال واجهات سياسية: بدأت بهيئة التحرير، ثم الاتحاد الاشتراكي، ثم حزب مصر، ثم الحزب الوطني الديمقراطي. خلال حكم مبارك، كان صفوت الشريف وزكريا عزمي وكمال الشاذلي وأحمد عز وجمال مبارك يحددون شكل السياسات التي تؤثر على حياة المواطن أكثر من قادة الجيش.

الصورة من المجموعة الخاصة بأحمد زكي

لكن الجيش في مصر مكلف بشيئين: أولاً: ضمان ألا ينجر إلى أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل. والتالي فهو الضامن لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. وهو أمر أكد عليه وزير الدفاع المصري الحالي والسابق بشكل علني وخلال لقائاتهما مع المسؤولين الأميركيين. ثانياً: الحفاظ على وحدة أراضي الدولة المصرية وضمان ألا تنزلق إلى الفوضى. فهو الذي أسسها وفق تفويض ورؤية محمد علي باشا. وهو الذي يمتلك ضمن حدودها أكبر كيان اقتصادي، وفق رؤية الرئيس الراحل أنور السادات في إدخال الجيش إلى الحياة الاقتصادية في أواخر سبعينات القرن الماضي، ضمن رؤيته الأوسع لحرب أكتوبر "كآخر الحروب"..!

لبنان أم الصومال؟

من الأمور التي ستظل محوراً للكثير من النقاشات الأكاديمية والسياسية لفترة طويلة، هو كيف دفع رئيسٌ منتخب جيش بلاده إلى الانقلاب عليه، عندما هددت سياساته فكرة الدولة نفسها. فتحرك الجيش لاستلام محافظات الدولة التي خرجت عن سيطرة الحكومة، لم يكن نتيجة تخطيط عسكري يريد السيطرة على الحكم، وإنما إنقاذاً لدولة على بعد خطوات من تكرار الرواية اللبنانية أو الحكاية الصومالية!

الجيش أثبت أنه ليس الجهة الأفضل لحكم مصر. كما أن الإخوان أثبتوا أنهم ليسوا أيضاً تلك الجهة. ما يجري حالياً هي فترة انتقالية ستنتهي بكتابة دستور جديد، وبإشراك قوى سياسية في معادلة الحكم، وبناء جناح سياسي للنظام الذي تبقى منه جناحه العسكري فقط.