Sunday, 29 September 2013

درعُ الوطن وسيفهُ.. الحزب الأكبر في مصر

 
١

بعد سقوط صخرة عملاقة من جبل المقطم على حي الدويقة الشعبي في عام ٢٠٠٨، وقف مراسل قناة الجزيرة في ذلك الوقت، الأستاذ حسين عبد الغني، وقال أمام الكاميرا: مرةً أخرى تثبت القوات المسلحة أنها الجهة الوحيدة القادرة على إنقاذ سكان مصر من أزماتهم.. ثم انتقلت الكاميرا الى رافعات عملاقة بالقرب من الصخرة العملاقة، فيما صوت عبد الغني يقول "فقد هرعت سيارات الإنقاذ ورافعات القوات المسلحة المصرية لنجدة سكان الدويقة بعد أن أهملتهم أجهزة الحكومة لسنوات".

٢

بعيداً عن المقولات التلفزيونية المتكررة حول أن "مصر هي التي علمت العالم معنى الدولة"، وأن "مصر هي أقدم دولة في العالم"، فإن تاريخ الدولة الحديثة التي نعرفها لم يمض عليه في مصر سوى قرنين من الزمان، وتحديداً مع تولي محمد علي باشا حكم البلاد. 

وتتميز دولة محمد علي، التي لانزال نعيش في ظلها، بأنها صنعت من أجل خدمة الآلة الحربية لمحمد علي والتي تمثلت في جيش إبراهيم باشا. فكل الصناعات والمدارس والمستشفيات التي أنشئت خلال السنوات الأولى من دولة محمد علي، كانت تابعة أو خادمة لجيش إبراهيم باشا.

وقد جرى العرف خلال حكم الأسرة العلوية لمصر، أن يكون الزي الرسمي لملوك مصر هو البدلة العسكرية الموشاة بالنياشين والرتب والعلامات الحربية. وهو تقليدٌ متبع في الأسر الملكية الأوروبية.

٣

لم تعرف مصر الجمهورية رئيساً مدنياً سوى السيد محمد مرسي، والذي قال في آخر خطابٍ علني له: أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأي إساءة لشخص رئيس الجمهورية تعتبر إساءة للقائد الأعلى للقوات المسلحة، والقضاء العسكري هو المكلف بمتابعتها.

وفيما عدا الرئيس السابق مرسي، فإن رؤساء مصر: اللواء محمد نجيب، والبكباشي جمال عبد الناصر، والبكباشي محمد أنور السادات والفريق محمد حسني مبارك والمشير محمد حسين طنطاوي، لديهم صورهم بالبدل العسكرية، التي استبدلوها لاحقاً بالبدل المدنية. (فيما عدا اللواء نجيب الذي داهمته الأحداث ووجد نفسه قيد الإقامة الجبرية قبل أن يستطيع ارتداء بدلته المدنية! أما المشير طنطاوي فلديه جولة شهيرة في وسط البلد بالبدلة المدنية).

وحتى مجيء مرسي الى الحكم، فإن الماكينة الرسمية والمعتمدة لصنع حكام مصر منذ محمد علي كانت الجيش. ولا يمكن التنبوء بهوية رئيس قادم، وإن كانت بعض المؤشرات تذهب في اتجاه ترجيح فرص وزير الدفاع الفريق السيسي. لكن من المؤكد، وأياً كانت هوية الرئيس القادم، فقد ترسخ لدى وجدان الشعب المصري ودوائر صنع القرار الدولية بعد خلع مرسي أن المنصب الأقوى في الدولة المصرية هو منصب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، وليس منصب رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة.


٤

أكبر حزب سياسي في مصر هو حزب الجيش. لدى الجيش شعبية هائلة في مصر، تفوق شعبية أي حزب أو جماعة سياسية. وهي شعبية تم بنائها عبر سنوات من التواصل الإعلامي مع الشعب، أو عبر التواصل الفعلي على الأرض عبر مخابز الجيش، مصانع الجيش، مزارع الجيش، مستشفيات الجيش، فنادق الجيش، نوادي الجيش، متاجر تجزئة الجيش، عمارات الجيش، أراضي الجيش، سخانات المصانع الحربية، تلفزيونات المصانع الحربية، وكل ما يحتاجه البيت المصري العصري!

كما أن الشعب المصري لا يستطيع أن ينسى ملحمة الجيش الكبرى في عبور خط بارليف وتحطيم أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر خلال معركة السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣. وهناك مدينة باسم السادس من أكتوبر، ومدينة أخرى باسم العاشر من رمضان، وهو التاريخ الهجري لملحمة العبور الى الضفة الشرقية من قناة السويس.

ولا يخلو أي بيت مصري من ذكرى جندي استشهد وهو يدافع عن التراب الوطني في معارك مصر منذ حرب ١٩٤٨. لذا فإن أي انتقاد للجيش يعد معركةً خاسرة لن تجلب سوى المزيد من اللعنات من كافة طوائف وطبقات المجتمع المصري.

تبقى ملاحظتان جديرتان بالاهتمام: الأولى أن الامبراطورية الاقتصادية للجيش المصري، والتي تشير بعض الأرقام غير المؤكدة أنها تشكل نحو ٣٠ في المئة من النشاط الاقتصادي على أرض مصر، بدأت تتضخم بشكلها الحالي في أعقاب توقيع الرئيس الراحل أنور السادات لاتفاق السلام في نهاية السبعينيات.

الملاحظة الثانية هي حفظ المؤسسة العسكرية لهيبة قادتها الراحلين والسابقين والحاليين، ودفاع أبناء المؤسسة عنهم، وذلك إيماناً بأن هيبة المؤسسة هي من هيبة هؤلاء القادة. وأن هيبة المؤسسة مقترنة بهيبة الوطن. وصولاً الى ذوبان الحدود بين الوطن والمؤسسة، والتي وصفها الرئيس السادات في خطابه الشهير الذي كتبه الأستاذ محمد حسنين هيكل بأنها "درع الوطن وسيفه".

٥

بسبب تاريخ مصر الحديث المقترن بالحروب مع إسرائيل، وبسبب موقعها الجغرافي المحاط بجيران لديهم اضطرابات أمنية شبه دائمة، فإن الجيش يلعب دوراً أكبر من أقرانه في الدول الأخرى.

فالجيش في مصر هو شبكة الأمان التي تسقط عليها الدولة عندما تتعرض لهزة عنيفة مثل الهزات التي حدثت في ١٩٧٧ أو ١٩٨٦ أو ٢٠١١ أو ٢٠١٣.

ولا يبدو حاضراً في الأفق أية سيناريوهات قد يكون فيها الجيش خارج المعادلة السياسية، خصوصاً بعد أن أثبت السياسيون فشلهم في الانتقال بمصر الى الديمقراطية التعددية خلال العام الذي حكم فيه الرئيس المدني المنتخب البلاد.


٦

قبل بدء المؤتمر الصحفي لمندوب سورية في الأمم المتحدة، دار هذا الحوار بين صحفي أمريكي وصحفي مصري..

S: Hello.. I am Steve from The New York Times
A: Hi Steve.. my name is Attiya and I work for Al Ahram newspaper.. you know Al Ahram?
S: Of course I know Al Ahram.. It's one of the leading newspapers in your region.
A: So, you follow what is happening in Egypt?
S: Of course Attiya.. Actually I find what's happening very confusing. So you had a military coup.. (interrupted aggressively by Attiya)
A: Sorry Mr. Steve.. It's a revolution not a coup.
S: But the Army deposed a democratically elected president!
A: Mr. Steve, this was the will of the people.
S: Any way, do you have in Egypt a functional health system?
A: Yes we do. In fact the best hospitals in Egypt and the Middle East are the Egyptian Military Hospitals.
S: Impressive! And do you have a social welfare system?
A: Yes we do. Our Army always provide the poor areas and working class neighbourhoods with free food. Not only that, but in the middle class neighbourhoods you can find bakeries and supermarkets owned by the Army, selling quality goods for very cheap prices.
S: Free Food?! This is amazing! Tell me about your industry base?
A: We have advanced industries.. In fact we manufacture the M1A1 tank and Jeep Cherokee.
S: And of course you are going to tell me that both the military tank and the civilian car are manufactured in a facility owned by the Army!
A: Yes indeed!
S: Tell me Attiya, who is the commander-in-chief of your country's Armed Forces?
A: Do you mean the commander of the Army?
S: Yes.
A: General Sisi.
S: This explains everything!
A: Tell me Mr Steve, what is the role of the US Army in shaping the policies of the United States?
S: Actually according to your definition of an "Army" Mr Attiya, I don't believe we have one!

No comments:

Post a Comment