Tuesday, 29 May 2012

الجزء الثاني: مصر تختار بين اليمين.. واليمين أيضاً


في الكتاب الذي تناول سيرة حياة مؤسس شركة أبل الأمريكية، ستيف جوبز، نقرأ أن المبتكر الراحل سئل في عام ١٩٨٢ إذا ما كان يرغب بالقيام بأبحاث تسويقية قبل طرح منتجات شركته، فأجاب: لا أريد ذلك، لأن المستهلك لا يعرف ما الذي يريده إلا عندما يراه..!

وهذا ما حدث بالضبط مع الشعب المصري. فقد وجد نصف من شاركوا أنهم أمام مرشحين (الخمسة الأكثر شهرة وهم أبو الفتوح وصباحي وشفيق ومرسي وموسى) وبرامج لا تختلف كثيراً عن بعضها البعض إلا في التغليف. بالطبع برنامج خالد علي هو الأكثر ثورية في مجال العدالة الاجتماعية، لكن المحامي الشاب غير معروف لدى شعب يؤمن أن حاكمه يجب أن يكون رجلاً خبيراً في الحكم، في حال أتى هذا الحاكم عبر صندوق الانتخابات وليس على ظهر دبابة أو اختاره رئيسٌ راحل كنائبٍ له.

فيما عدا برنامج خالد علي، فإن بقية البرامج قلدت بعضها في نقاطٍ كثيرة، وتبقى أمام الناخب مرشحٌ، يعتمد على رصيده كقيادي في جماعة تسيطر على البرلمان أو خبرته كوزير للخارجية وأمين عام لجامعة الدول العربية، أو إنجازاته وفتوحاته كوزير للطيران والفضاء، أو نضاله أمام الرئيس المؤمن، أو نضاله (مرشح آخر!) أمام نفس الرئيس المؤمن!

والنتيجة كانت اختياراً فريداً من نوعه بين يمين ديني، ويمين عسكري! اختيار سيضمن أن تدخل مصر كتب العلوم السياسية كأول تجربة ديمقراطية تقود نفسها طواعية نحو الفاشية والاستبداد، سواء باسم الدين أم باسم مصالح الوطن العليا!



مصر تحت حكم الرئيس المجاهد محمد ابن مرسي الدين!

إشكالية انتخاب محمد مرسي رئيساً لمصر، أننا نعتقد أنه سيتمتع بصلاحيات "أقل" من مبارك، نظراً لأن المجلس العسكري أصبح طرفاً رئيسياً ومباشراً في معادلة الحكم.

لكننا نتجاهل أن الرئيس مرسي يأتي إلى قصر عابدين وهو رأس للسلطة التنفيذية، التي تتمتع بدعم السلطة التشريعية، نتيجة سيطرة جماعة الإخوان على مجلسي الشعب والشورى. هنا نحن أمام رئيس يستطيع أن يبني ببطء شرعية، تمكنه لاحقاً من زيادة نفوذه في الدولة، وربما لاحقاً تأسيس دولة على مقاس جماعة الإخوان. بالطبع لن يحدث هذا في ولايته الرئاسية الأولى، لكن التمهيد لذلك يمكن أن يبدأ خلال سنواتها.

١. سياساته الداخلية: إلى اليمين.. وكله بالقانون!

لم يكن الحكم بسجن الفنان عادل إمام "لازدرائه الإسلام في أعماله الفنية" التي أنتجت قبل عدة سنوات ونالت موافقة الرقابة حينها، أمراً خارج السياق العام للحياة السياسية في مصر.

فهذا الحكم غير المسبوق، لم يصدر خلال العهد السابق، رغم كل ما قيل عن استقلال القضاء وقتها. وهو مؤشر على أن المستقبل يحمل المزيد من الأحكام القضائية التي ستحد من حرية التعبير داخل مصر، طالما السلطة التشريعية والتنفيذية من نفس اللون ولديهما نفس التوجهات حيال سقف الحريات الإبداعية.

من ينتخب الرئيس مرسي عليه أيضاً أن يتوقع مزيداً من القوانين الخاصة بختان المرأة وحقوق المرأة وكل ما له علاقة بالمرأة، وكأن مشاكل مصر تنحصر في السن المسموح للمرأة فيه بالزواج!

كما أن هناك مخاوف حقيقية من زيادة تطرف قواعد الإخوان، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الضغط على الرئيس مرسي من أجل تقييد حرية الصحافة والتعبير ووضع قوانين خاصة بالنشر والتأليف، من أجل الحفاظ على ولاء هذه القواعد.

٢. العلاقة مع المجلس العسكري: نحمل "المقايضة" لمصر..!

لن يؤدي مجيء الرئيس مرسي إلى سدة الحكم، إلى تحجيم صلاحيات المجلس الأعلى للقوات المسلحة. فالرئيس مرسي يدرك أنه يمثل المرشد في معادلة الحكم المصرية، وأن المرشد طرف مشارك وليس طرف وحيد. بالتالي فإن نائباً له من المؤسسة العسكرية هو السيناريو الأقرب للتحقق.

ولا يمكن تصور أن يقوم الرئيس مرسي بتغيير قيادات القوات المسلحة دون نيل موافقتها المسبقة على هذا التغيير. فهو رئيس لن يكون لديه أية شعبية داخل القوات المسلحة التي تؤمن أن الولاء ينحصر فيمن حمل رتبة عسكرية ذات يوم أو حارب على جبهات القتال. كما أن الرئيس مرسي يحكم بلداً به تقاليد عسكرية راسخة منذ جيش إبراهيم باشا. وهي تقاليد لا تسمح بأن يكون الرئيس في مصر مثل الرئيس في فرنسا، قادراً على التدخل في شؤون الجيش.



أقرب السيناريوهات إلى التحقق أن "مقايضةً" سيتم الاتفاق عليها بين المجلس العسكري وبين رؤساء الرئيس مرسي في الجماعة، تتم بمقتضاها التخلي عن صلاحيات الرئيس داخل الجيش مقابل أن لا يتدخل المجلس العسكري في السياسات الداخلية التي ستنتهجها الحكومة التي سيشكلها الرئيس.

ومن يخرج عن هذه الصفقة من جانب الجماعة، فإنه سيدعى لحضور عرض عسكري مهيب أو سيكون على متن مروحية تتفقد مشروعات تعمير الصحراء الغربية..!

٣. العلاقات الخارجية: مثل أي نظام إسلامي في المنطقة، نحن نحافظ على أمن إسرائيل!

هل شن أي نظام إسلامي حرباً على إسرائيل؟ هل رفض أي نظام إسلامي التعاون مع الولايات المتحدة في عملياتها العسكرية حول العالم؟

لنأخذ مثلاً إيران خلال حربها مع العراق في الثمانينيات. فقد تعاون النظام الإسلامي فيها مع إسرائيل من أجل الحصول على قطع غيار السلاح الأمريكي وفي المقابل دفع النظام الإيراني المال لمسلحي حركة الكونترا في نيكارغوا من أجل إسقاط ثوار الساندينيستا المناهضين لأمريكا في هذا البلد! وقد عرفت الفضيحة باسم كونترا غيت. أي أن إيران رفضت التعامل مع أمريكا مباشرة لأنها "الشيطان الأكبر" وفق تعبير الخوميني، لكنها لم تجد غضاضة في التعاون مع "وكيل الشيطان الأكبر".

أما إيران خلال محادثاتها مع الغرب في بغداد حول برنامجها النووي (مايو ٢٠١٢) فقد عرضت الاعتراف بإسرائيل ضمن المبادرة العربية للسلام، ضمن حزمة شروط أخرى، مقابل الاعتراف بوضعها الإقليمي وبسيطرتها على الجزر الإماراتية وحقها في امتلاك التكنولوجيا النووية.


المثال الثاني هو النظام السعودي، والذي يقول عن نفسه أنه نظام إسلامي، فيما يرتبط الإخوان بعلاقات جيدة معه، وتدافع قيادات الجماعة عن المملكة وقيادتها.

هل سمعنا عن أن النظام في الرياض حاول القضاء على إسرائيل أو خوض حربٍ معها؟ السيرة الذاتية لسفير الرياض السابق في واشنطن الأمير بندر بن سلطان، والتي نشرت على نطاق ضيق في الغرب، تحمل الإجابة. يكفي أن الرياض هي أكثر العواصم العربية التي طرحت مشاريع متكاملة للسلام بين العرب وإسرائيل مثل مبادرة الأمير فهد في ١٩٨٢ ومبادرة الأمير عبد الله في ٢٠٠٢.

لم تجد إيران الخوميني غضاضة في التعامل مع أمريكا ريجان عبر إسرائيل خلال الحرب مع العراق

باكستان، وهي البلد الإسلامي الوحيد الذي يملك سلاحاً نووياً، تعاون مع الولايات المتحدة في حرب أفغانستان كما لم يتعاون أي نظامٍ آخر. والسبب أن مساعد وزير الدفاع الأمريكي ريتشارد أرميتاج هدد الرئيس السابق برفيز مشرف بأنه إذا لم يتعاون فستعمل الولايات المتحدة على إعادة باكستان إلى "العصر الحجري"، كما ذكر مشرف في مذكراته التي حملت اسم "على خط النار".

إذن فمن ينتخب الرئيس مرسي، عليه أن يعلم أن الحدود مع إسرائيل ستكون آمنة للغاية وأن مصر لن تمد حماس بالسلاح، بل ستستخدم نفوذها الإخواني على قيادات حركة حماس من أجل وقف الهجمات على إسرائيل، تماماً كما تفعل حماس حالياً. وهنا تبدو المصلحة الأمريكية في أن يقع الإقليم تحت حكم إسلامي يبدو متشدداً على صعيد السياسات الداخلية، ومتعاوناً مع الغرب على صعيد السياسات الدفاعية، خصوصاً على جبهات القتال الطائفية.

٤. الاقتصاد والعدالة الاجتماعية: نحمل "الخصخصة الإسلامية" لمصر!

سيعمل الرئيس مرسي على تطبيق البرنامج الاقتصادي لمشروع النهضة الإخواني، والذي يأخذ كتاب فرانسيس فوكوياما "نهاية التاريخ" دليلاً نظرياً على صواب سياسات الخصخصة في عصر مبارك، ولكن هذه المرة ستتم الخصخصة تحت مسميات إسلامية، مثل: شراكة.. نماء.. شجرة طيبة للكهرباء..

ومن يعتقد أن مشروع النهضة يحمل العدالة الاجتماعية لمصر، فعليه أن يقرأ الجزء الخاص بالسياسات الاقتصادية والتي تظهر انحيازاتها الطبقية بشكل واضح. وهذا ليس غريباً على الإخوان الذين عارضوا في الخمسينيات برنامج تحديد الملكية الزراعية وسياسات الإصلاح الزراعي وإعادة توزيع الملكية الزراعية على عدد أكبر من المواطنين. كما أن سياسات مشروع النهضة الاقتصادية ليست غريبة على مهندسه رجل الأعمال خيرت الشاطر.

مصر تحت حكم السيد الرئيس الفريق طيار أحمد شفيق، القائد الحقيقي للعبور!

لا يمكن أن ننظر إلى الفريق أحمد شفيق باعتباره رئيساً يمثل نفسه أو حتى المؤسسة العسكرية فقط. بل هو رئيس يمثل كل ما تمثله "الدولة العميقة" في مصر من أجهزة أمنية وجماعات مصالح مرتبطة بالحزب الوطني المنحل، وتريد إعادة جديدة لنظام مبارك.


١. سياساته الداخلية: التعاون مع الإخوان بما لا يخالف مصالح الفلول!

لن يقوم الرئيس شفيق بحل البرلمان كما ينقل عنه، ولن يقوم بالصدام مع السلطة التشريعية. على العكس، سيكون الرئيس متعاوناً معهم في مقابل تعاونهم معه في القضاء على القوى المدنية والثورية والتي تعتبر خطراً (ولو محدوداً) على نفوذ الطرفين في الشارع.

ستظل وزارة الداخلية وباقي الوزارات السيادية تحت سلطة الرئيس، فيما الوزارات الخدمية تحت سلطة الإخوان، كما أن رئيس الوزراء سيكون أحد قيادات الجماعة، حسب ما ألمح أليه شفيق!

ستكون هناك محاولات حقيقية من قبل نظام الرئيس شفيق لتحسين الأمن وترويج ذلك في الإعلام بكثافة، وذلك للتأكيد على فكرة أن رجل النظام السابق هو الوحيد القادر على إعادته. لكن الاضطرابات ستستمر نظراً لسخط قطاعات شعبية واسعة على سياساته الاقتصادية واستبداده الأمني.

٢. العلاقة مع المجلس العسكري: المشير أخ وصديق!

لا يوجد أبلغ من عبارتين قالهما شفيق: المشير أخ وصديق.. وتساؤله الميلودرامي التاريخي: ..إيه؟

٣. العلاقات الخارجية: أين أحمد أبو الغيط؟

لن تكون مصر في سياساتها الخارجية تحت حكم الرئيس طيار أحمد شفيق، أكثر "إبداعاً" في سياساتها الخارجية من عصر مبارك ونهج الوزير السابق أحمد أبو الغيط في انتقاء ألوان بدلاته الأنيقة.

٤. الاقتصاد والعدالة الاجتماعية: لماذا تتجه يساراً حين يطالبك الجميع بالاستمرار يميناً..

ستستمر سياسات مبارك الاقتصادية معنا في مصر تحت حكم الرئيس شفيق، والذي تتفق رؤيته الاقتصادية مع رؤية خيرت الشاطر ومحمود محي الدين. فلماذا إذن يسعى الفريق شفيق لمزيد من العدالة الاجتماعية عندما لا يكون مطلوباً منه ذلك سواء من قواعده الانتخابية أو السلطة التشريعية أو البنك الدولي ورجال الأعمال المرتبطين بالمصالح التجارية للولايات المتحدة في المنطقة.

في الجزء الثالث: هل يوجد في السياسة ضمانات؟ ما العمل؟

خربشات تويترية: الجائزة هي هوية الدولة لا اسم الرئيس


فاكرين خربشات تويترية: انتخابات بلد يتأرجح بين عالمين ؟‏ دي اتكتبت قبل الانتخابات وبدايتها إن عمر سليمان نزل علشان يشيل معاه الشاطر وأبواسماعيل، وبكدة خرج الثلاثة الكبار.

اللي بيحصل دلوقتي مباراة شطرنج تكتيكية (بدون أهداف) بين المجلس والاخوان. مباراة على شكل الدولة مش على اسم الرئيس.

المجلس زي ما طلع سليمان مقابل إن يطلع معاه أبواسماعيل والشاطر، مستعد يضحي بشفيق بس بشرط إن الاعادة تبقى بين موسى ومرسي وحمدين وأبوالفتوح .

شفيق لو طلع من الانتخابات والاعادة فيها الأربعة/الثلاثة أو الاتنين الكبار يبقى المجلس نازل باتنين مقابل .اتنين للاخوان أو واحد مقابل واحد. الدولة المدنية فرصها زي الدولة الدينية ودي هي الجائزة الكبيرة اللي حتحدد مين حيفوز في المباراة

سيادته حيقعد مع الشاطر وفي آخر القعدة حيقرأوا الفاتحة. بعدها تليفون للجنة العليا وقانون العزل يتحرك وكلام سلطان النهاردة فيه ألغام وكله بالقانون.

المجلس بيلعب على أن الفترة الانتقالية تطول لأن دة بيكبر فرص كروته في الانتخابات. والاخوان مش عاوزين الفترة تطول حتى لو دخلوا الاعادة مع شفيق !

المجلس مش حيوافق على استبعاد شفيق بدون ما الاعادة تكون بين الاربعة أو الاتنين الكبار. لأن في السيناريو الأول، واحد فيهم هو الخيار الأول بعد ما سليمان طلع من اللعبة. وفي السيناريو التاني أحد المرشحين هو الخيار الثالث بالنسبة لهم.

كونه الخيار الثالث المفضل بالنسبة للمجلس العسكري لا يعني أن هناك اتفاقا بين هذا المرشح والمجلس. لكن هناك تلاقي في التوجهات، والأهم أنه لا توجد علاقة بينه وبين فروع الاخوان في الدول المجاورة وخصوصاً على الحدود.

مفيش تزوير في الجولة الثانية ولو الرئيس لم يلتزم بالاتفاقات تبدأ الألغام المحطوطة له في جسم الدولة والشارع في الظهور ويتحول الى بطة عرجاء وفق المفهوم السياسي الأمريكي.

مفيش انقلاب عسكري غير في حالة واحدة فقط والحالة دي مش للنشر! كل اللي فات لسة بيتم الاتفاق عليه. التحرك ضد حملة شفيق الليلة مقدمة. 

الاخوان طرف والمجلس طرف والاتنين بيلعبوا على الشعب شطرنج.. الانتخابات مسرحية علشان سعادتك تروح تلون صباعك.. المقايضة الكبرى حتكون على الدستور وشكل الدولة.


Monday, 28 May 2012

مينوش تحمل لكم وجهة نظر ناخب الطيار وباني المطار


بقلم: مينوش عبد المجيد
twitter: @minoushy



اتكلمت مع ناس كتير من الناس الغلابة البسيطة اللى انتخبو شفيق ومندهشة من الاسباب اللى اختلف مع معظمها بس لاقيت فيها تفكير سياسى رغم بساطته فيه عمق وبراجماتية ووعى حقيقى. انا لخصت الاسباب هنا والحديث ده مع عدد من البوابين، عمال مصانع، عمال نضافة معظمهم من محافظات الدلتا اللى شفيق اكتسح فيه.

شفيق بالنسبة لهم قائد عسكرى حيعرف يتعامل مع الجيش اللى من وجهة نظر كتير من بسطاء الناس مؤسسة وطنية رغم كل مافيها من عيوب. واحد قالى بلفظ "الكل بيغلط حضرتك بس الجيش رغم عيوبه ممكن فيه سرقة واه ضربو بنات بس جيش وطنى بيحب مصر اما الاخوان مصر مش فارقة معاهم خالص"

شفيق قائد مدنى بخلفية عسكرية وبالتالى هو يمثل مرحلة انتاقلية من حكم عسكرى الى مرحلة لانتخاب حر مباشر لرجل فى ملابس مدنية بخلفية عسكرية. واحد تانى قال لى "اصل مش ممكن بعد 60 سنة يجىء واحد ميعرفش يتعامل مع الجيش ولا مؤسسات الدولة يحصل بلبة وكفاية علينا بلبلة اكثر الشهور اللى فاتت عايزين استقرار"

ان خطابات معظم المرشحين جاءت رامادية غير واضحة تبدو توافقية لحصد الاصوات وليسو اصحاب مواقف واضحة  بالمعنى المعروف والمناظرة وضحت ده. الناخب فى كل الدول بحدثه بيفرز بين من يقول شىء لحصد اصوات ومن يقول شىء مؤمن بيه. الشخص اللى عايز يرضى الكل مش حيرضى حد والامثلة الشعبية المصرية كثيرة فى هذا السياق وتنطبق على ابو الفتوح بالذات.

الاخوان الاخوان ثم الاخوان. الخوف منهم، فقدان الثقة فيهم، خطابهم الاقصائى، وضوح عدم قدرتهم علىى تقديم حلول وطرح كوادر وقيادات حقيقة. اداء البرلمان. وفى هذا الاطار نشكر اذاعة الجلسات على الهواء لان كل شىء انكشفن وبان بان!!

الشعب المصرى متدين لكنه فى النهاية شعب "فرفوش" (حقيقة علمية مؤكدة وفقا لدرسات لجامعات هارفرد واكسفورد ومنيا القمح) يطبق نظرية حسيبك تسرق وتضحك عليا بمزاجى بس انت تسيبى لى مزاجى (هذا المثل من اختراعى لى كافة الحقوق القانونية والادبية فى استخدامه كوبى رايتس تاعتى انا) يعنى يتفرج على مسلسل كيد النساء والحاجة زهرة وفيلم شارع الهرم وهو بيدخن حشيش بعد صلاة العشا مش قبلها علشان قبلها حرام بعدها اختلف فيها الفقهاء

اغلبية الشعب كانت مع الاخوان قبل كده علشان فى وجة نظرهم المتدين مش فاسد ومش حرامى الشعب مستعد يغض البصر عن "بعض" السرقة والفساد بس لما تزيد والدنيا تتخنق حوله لا. الشعب ايضا شعر بضائلة قدرة الاخوان على ايجاد حلول سحرية لمشاكل حياتهم عكس ماتم الترويج له قبل ذلك وبالتالى اختارو بمنطق اللى نعرفه احسن من اللى منعرفوش خصوصا انهم ابتدو يعرفو الاخوان اكثر واللى شافوه معجبهمش.

عدم التزم  الاخوان بكلامهم. وعود كتير نقضوها. على فكرة الشعب المصرى ممكن يستحمل حاجات كتير بس بينزل من نظره اوى اللى مش بيلتزم بكلمته وده جزء من ثقافة المصريين ولها علاقة بالرجولة واخلاق الصعيد والريف.

ضعف اداء الاخوان فى البرلمان. بسب ضعف صلاحيات المجلس او صراع القوة بين المجلس والاخوان جعل الشعب ينحاز فى صف الجيش. علشان شعر ان الجيش مش حيتنازل عن سلطاته الا بمزاجه ولمن رضى عنه. المصريين اختصرو الطريق.

وجاءت احداث العباسية الاخيرة تصب فى صالح الجيش وضد كل من حشد للعباسية من سلفيين واخوان وثوار. فى النهاية المواطن العادى فى كل مكان فى الدنيا (حتى فى امريكا) لن يستطيع التعايش فى دولة فى اشتباكات امام وزارة دفاعها لانها تمثل بصورة غير مباشرة مصدر القوة والحماية ضد اى تهديد (خارجى او داخلى) ويريد الحفاظ على هذه الصورة تحت كل الظروف. زى مالثوار عندهم رمزية المواطن العادى بردو عنده رمزية هو روخر.

باقى المرشحين بدو بعاد عن خفايا المؤسسات الحكومية وطبيعة مصر كدولة مؤسسات ومنظمات او انعدمها ايهما تختار. الغريبة انى سمعت هذا النقد على برنامج ابو الفتوح وعمرو موسى من عدد من النخبة السياسية وسمعته من عامل فى احدى المصانع من طنطا اختار شفيق قال لى بالحرف "حضرتك عمرو موسى راجل كفاءة فى السياسية الخارجية بس يفهم داهليز الحكومة والعمال والفلاحين لا. لكن اللى اشتغل فى الجيش وعمل المطار اشتغل مع عمال وشركات مقولات يعنى فاهم الدنيا بتمشى ازاى فى البلد يااستاذة."

المطار لعب دور كبير غريبة صح؟ بس لانه للناس كان انجاز ملموس للناس حاجة شايفنها بالرغم عدم اهميتها. برغم غرابة الموقف لكن ناس كتير قالو لى احنا شفنا المطار بس مشفناش حاجة لابوالفتوح وموسى ولا حمدين هما بنو ولاعملو ايه؟. وهنا لايسعنى الا ان اقول اذا كان النخبة لم تقرا البرامج واختارت وفقا للاهواء الشخصية مستعجبش لما المواطن البسيط ينبهر بمطار.

الناس لازالت تبحث عن القوى وخطاب ابوالفتوح هو وموسى لم يكن بالوضوح والقوة المطلوبة. انحدار شعبيبة الاخوان (اقوى التيارات السياسية) صبت فى اكثر المؤسسات قوة من وجه نظر العامة وهى الجيش والمرشح المنتمى لها.

اخيرا الناس زهقت من الكلام على حاجة غير مصر. وهو ده القصة اللى حتوقع الاخوان الى الابد ( قدمو المشئية اللهم انك مجيب الدعاء يارب). الناس لاعايزة تحارب علشان فلسطين (سيبك من كلام اليسار الشعبوى الشعب مش فارق معاه فعلا) ولافارق معاها حد غير اكل عيشه وشغله وصحته. الاخوان بمشروعهم اللى بيضع مصر فى المرتبة التانية هو اكبر عدو لهم. الناس عايزه نفسها واحتياجتها بس ونفسها يعنى بلدها تضمن لها اللى هى محتاجه وبتجرى عليه. محدش عايز يسمع كلام فلسطين والقدس وغزة وامارة اسلامية. الكلام ده راحت عليه. الناس عايزة حد يحطهم هما الاول ومن همومهم غياب الامن وانحازو بشدة للى قالهم ده.

الثورة اللى خربت البلد. من منطلق النقطة السابقة الناس شافت انها دفعت 15 شهر منغير نتيجة. مش كره فى الثورة قد ماخدنا ايه من الثورة؟ وبالتالى اختارو اقرب الناس الى العهد الذى قبل الثورة. اى ريواند ودليت لل15 شهر ونرجع زى ما كنا هو احنا كنا خدنا ايه غير قطع العيش وغياب الامن.

وفى النهاية الموضوع اللى نقدر نستنتجه كالتالى:

الجيش لازال عنده شعبية عند اغلبية الشعب وليس صحيح انه فقدها.

الشعب ادرك انك لاتستطيع خلع المؤسسة العسكرية بين ليلة وضحاها (الدولة العميقة عميقة فعلا) وزى الاخوان عايزين يطبقه مشروعهم بتاع  النهضة بالتدريج على 30 سنة (هع هع هع ) لضمان عدم حدوث اهتزاز مجتمعى. الشعب ادرك ان انحسار دور الجيش لن ياتى الا بالتدريج وبالتالى اختارو انتخاب رجل "مدنى بخلفية عسكرية" من خلال انتخاب حر مباشر ديمقراطى. اى خطوة نحو الديمقراطية ولكن نصف خطوة نحو المدنية حتى اشعار اخر!! الشعب عايز يطمن الجيش (ابن الواعية الشعب ده) علشان يسيبه ياخد حقه بشويش. (دى من اكثر النقط اللى ادهشتنى)

الجيش والمجلس العسكرى وامن الدولة طلعو لاعيبه. كرهو الناس فى الثورة والثوار الهطل كملو على الباقى. ملحوظة لازم نشجع اللعبة الحلوة ونعترف بغلطتنا علشان نتعلم.

طبعا فى فلول كتير انتخبت شفيق وده مفهوم ليه

المواطن البسيط مدهش بفطرته وحدسه وقدرته على التحليل والرؤية ببراجماتية اعتى السياسيين

لازلت ارى ان انتخاب شفيق ليس فى مصلحة الكل لانه ليس قائد حقيقى ويفتقد مصدقية واحترام واثبت فشل. واعتقد انه مش حيقق الاستقرار المنشود. وانا ضد عسكرة الدولة قلب وقالبا

 لكن انا هنا بوضح رؤية من انتخبه من عامة الشعب اللى اثبت وعى ونضج حقيقى اى كانت النتائج. وعلينا ان نحترم اختيار الاخرين هذه هى الديمقراطية.

وفى النهاية لا يسعنى الا ان اقول: جمهورية مصر المدهشة