Tuesday, 15 May 2012

ماذا سنفعل مع إسرائيل؟ لا أحد يريد الإجابة عن السؤال السهل




في المناظرة الأخيرة بين المرشحين الرئاسيين عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح، بدا أن الرجلين يتفاديان الخروج بمواقف واضحة حول الكثير من الأمور المتعلقة بقوى حاضرة ومؤثرة على الساحة المصرية.

لكن إجابتهما حول العلاقة مع إسرائيل كانت من النقاط النادرة خلال المناظرة والتي أبديا فيها تبايناً واضحاً في المواقف.

فعمرو موسى تفادى أن يستخدم مصطلح "عدو" في وصف إسرائيل واعتبر أنه استطاع أن يكون خصماً قوياً لها خلال منصبه كوزيرٍ للخارجية أو أمينٍ عام للجامعة العربية. فيما اعتبر أبو الفتوح إسرائيل عدواً لمصر وأنه سيعيد النظر في اتفاقيات كامب دافيد التي أبرمها الرئيس الراحل أنور السادات، والذي وصفه بأنه "انبطح لإسرائيل كما انبطح حسني مبارك". لكن أبو الفتوح لم يعلن أنه سيلغي معاهدة السلام أو سيعلن الحرب مع إسرائيل.

هذه نماذج، من المهم التوقف عندها فيما يتعلق بمواقف المرشحين من قضية قد تؤدي إلى ترجيح كفة المصريين الذين لم يحسموا بعد خيارهم في الانتخابات الرئاسية القادمة.

أولاً: عبد المعطي يبحث عن رجل الدولة!

لو افترضنا أن الأستاذ عبد المعطي (يبلغ من العمر خمسين سنة) الذي يعمل موظفاً في وزارة المالية في الصباح ومشرفاً على إدارة كافيه في الزمالك في المساء (يمتلكه بالمناصفة مع أخيه) هو نموذج للناخب المصري فإننا يمكن أن نتوقع سلوكه عند سماع ما قاله المرشحان.

عبد المعطي يبحث عن رجل الدولة الذي سيقدم له تطمينات بأن مصر لن تخوض حرباً مع إسرائيل. فأي حربٍ إقليمية تخوضها مصر، ستؤثر بشكل مباشر على السياحة والاستثمار وبالتالي سيكون لها تأثير سلبي على الكافيه الذي يمتلكه والذي يعينه على تكاليف الحياة

هنا سيكون عبد المعطي ميالاً إلى عمرو موسى الذي تجنب أن يصف إسرائيل بـ"العدو"، لأن ذلك يعني بالنسبة له أن الرجل "ليس مغامراً وسيحافظ على الاستقرار الذي تعيشه البلاد منذ انتهاء العمليات العسكرية خلال حرب ١٩٧٣".

ثانياً: عبد الرحمن لن ينسى عمه الشهيد..

عبد الرحمن شاب في العشرينيات من عمره. لا يزال في السنة الأخيرة بكلية الهندسة. والده، وجيه، قيادي في جماعة الإخوان ولا يكف عن تذكير عبد الرحمن بعمه يوسف الذي استشهد في حرب ١٩٧٣ وهو يحرر سيناء. ما هو رأي عبد الرحمن إذن حول ما قاله موسى وأبو الفتوح؟

عبد الرحمن غاضب للغاية من موسى الذي لم يصف إسرائيل بالعدو، ويعتبره "متخاذلاً وامتداداً طبيعياً لمبارك والسادات". ولكنه غاضبٌ أيضاً من أبو الفتوح لأنه لم يكن صريحاً وقال إنه سيلغي اتفاق السلام مع إسرائيل واكتفى بأنه "سيعيد النظر في اتفاقيات كامب دافيد".

لكن والده له رأيٌ آخر! فبالرغم من أنه غاضب من عمرو موسى بشدة لنفس السبب الذي غضب من أجله عبد الرحمن، ولكنه يتفهم إجابة أبو الفتوح، لأنه يدرك أن مصر بوضعها الحالي غير مستعدة لخوض أي حرب إقليمية، وأن ذلك سيؤثر على "تطور وتغلغل" المشروع الإسلامي في المجتمع.


ثالثاً: سناء ستظل وفية لبطل الحرب والسلام..!

سناء تعمل كطبيبة أسنان. تملك عيادتها الخاصة وهي من أسرة ميسورة الحال. متزوجة ولديها ولدان يعملان في الخارج. تعرفت على زوجها في السبعينيات، عندما كانت تتمتع برفاهية وفرها لها والدها الذي عمل سفيراً في وزارة الخارجية.

سناء لم تكن سعيدة بما قاله أبو الفتوح عن الرئيس الراحل السادات بأنه "انبطح أمام إسرائيل" وغضبت بشدة من هذا الوصف. في المساء اتفقت هي وزوجها على الاتصال بالأولاد كي لا يصوتا لأبو الفتوح!

بالنسبة لسناء، ولعدد لا بأس به من المصريين بما فيهم هؤلاء المختلفين مع سياسات السادات، فإن وصفه "بالمنبطح أمام إسرائيل" أغضبهم، خصوصاً وأن الرجل خاض معركةً مع إسرائيل. ربما سيتقبلون نقداً قاسياً لنهج السادات في التفاوض مع إسرائيل، لكنهم لن "يستسيغوا" وصفاً سلبيا لرجلٍ رحل عن الحياة، والمصريين بطبعهم لا يميلون للألفاظ السلبية بحق الأموات.

رابعاً: سمير يريد رئيساً لديه رؤية واضحة..

يعمل سمير كأستاذٍ مرموق في مجال الكيمياء الحيوية بإحدى الجامعات الأوروبية. تابع المناظرة من بيته في جنوب إنجلترا وخرج بانطباعٍ مفاده أن الرجلين لا يصلحان لقيادة البلاد لأنهما لا يمتلكان رؤية واضحة عما سيفعلانه حيال ملف مهم مثل ملف العلاقة مع إسرائيل.

فإجابة موسى لم تخرج عن سرده لما فعله خلال حياته المهنية السابقة، مثل أدواره عندما كان وزيراُ للخارجية أو أميناً عاماً لجامعة الدول العربية. وهي مناصب لم يكن فيها سوى منفذ لسياساتٍ صاغها رئيسه، أو منسقاً يعمل لدى رؤساء ليس بينهم أي مشترك أو رابط سوى هذه المنظمة التعيسة!

أما إجابة أبو الفتوح فإنها في نظر سمير لم تقدم البديل. فقد قال الرجل إنه سيعيد النظر في اتفاقيات كامب دافيد ولكنه لم يقل كيف أو بأي صيغة. كما أنه وصف إسرائيل بالعدو ولكنه لم يعلن عن تخليه عن معاهدة السلام معها، مما يعني أنه يقدم إجابات ترضي قاعدته الانتخابية بينما سيكون سلوكه الرئاسي مختلفاً

فأبو الفتوح في النهاية سيكون رئيساً لقوات مسلحة لها اتفاقيات دفاعية مع الولايات المتحدة، وحكومة تتلقى مساعداتٍ ومنح من جهاتٍ دولية وعربية لا تريد الحرب مع إسرائيل. كما أن أبو الفتوح لن يستطيع خوض أية حربٍ إقليمية دون دعمٍ عربي، وهو دعمٌ لن يحصل عليه بسبب انشغال الأنظمة العربية في التعامل مع الانتفاضات الشعبية.

من هو الناخب المصري إذن؟

كل النماذج الواردة أعلاه هي الناخب المصري بكل تناقضاته. واللافت أن قضية العلاقة مع إسرائيل تبدو من القضايا الأقل إثارة للجدل بالنسبة للمصريين. فالغالبية الساحقة من المصريين تعتبر إسرائيل عدواً، لكن التعامل مع إسرائيل هو الذي سيحدد سلوك الناخبين.

فقسمٌ لا بأس به من الشباب سيميلون إلى المواجهة، فيما سينقسم الأكبر سناً بين تأجيل المواجهة والعمل على إصلاح المجتمع (سواء عبر برنامجٍ إسلامي أو يساري أو ليبرالي) أو "مواجهة" إسرائيل حضارياً و"الانتصار" عليها في ساحات العلم والتكنولوجيا.

إذن من سيختاره المصريون وفق ما قدمه المرشحان من إجابات حول ملف العلاقة مع إسرائيل؟ 

لا أحد يعلم ولا أحد يمكنه الجزم بدقة. ويبدو أن هذه المناظرات لن تسهل المهمة أمام الناخب، أو أمام من يحاول توقع سلوك هذا الناخب!


1 comment:

  1. ياترى الرئيس اللى جى هيكون إيجابى فى الصراع العربي الإسرائيليي وﻻ هيكون عشان خاطر كارتر ؟؟

    ReplyDelete