بقلم: مينوش عبد المجيد
twitter: @minoushy
اتكلمت مع ناس كتير من الناس الغلابة البسيطة اللى انتخبو شفيق ومندهشة من الاسباب اللى اختلف مع معظمها بس لاقيت فيها تفكير سياسى رغم بساطته فيه عمق وبراجماتية ووعى حقيقى. انا لخصت الاسباب هنا والحديث ده مع عدد من البوابين، عمال مصانع، عمال نضافة معظمهم من محافظات الدلتا اللى شفيق اكتسح فيه.
شفيق بالنسبة لهم قائد عسكرى حيعرف يتعامل مع الجيش اللى من وجهة نظر كتير من بسطاء الناس مؤسسة وطنية رغم كل مافيها من عيوب. واحد قالى بلفظ "الكل بيغلط حضرتك بس الجيش رغم عيوبه ممكن فيه سرقة واه ضربو بنات بس جيش وطنى بيحب مصر اما الاخوان مصر مش فارقة معاهم خالص"
شفيق قائد مدنى بخلفية عسكرية وبالتالى هو يمثل مرحلة انتاقلية من حكم عسكرى الى مرحلة لانتخاب حر مباشر لرجل فى ملابس مدنية بخلفية عسكرية. واحد تانى قال لى "اصل مش ممكن بعد 60 سنة يجىء واحد ميعرفش يتعامل مع الجيش ولا مؤسسات الدولة يحصل بلبة وكفاية علينا بلبلة اكثر الشهور اللى فاتت عايزين استقرار"
ان خطابات معظم المرشحين جاءت رامادية غير واضحة تبدو توافقية لحصد الاصوات وليسو اصحاب مواقف واضحة بالمعنى المعروف والمناظرة وضحت ده. الناخب فى كل الدول بحدثه بيفرز بين من يقول شىء لحصد اصوات ومن يقول شىء مؤمن بيه. الشخص اللى عايز يرضى الكل مش حيرضى حد والامثلة الشعبية المصرية كثيرة فى هذا السياق وتنطبق على ابو الفتوح بالذات.
الاخوان الاخوان ثم الاخوان. الخوف منهم، فقدان الثقة فيهم، خطابهم الاقصائى، وضوح عدم قدرتهم علىى تقديم حلول وطرح كوادر وقيادات حقيقة. اداء البرلمان. وفى هذا الاطار نشكر اذاعة الجلسات على الهواء لان كل شىء انكشفن وبان بان!!
الشعب المصرى متدين لكنه فى النهاية شعب "فرفوش" (حقيقة علمية مؤكدة وفقا لدرسات لجامعات هارفرد واكسفورد ومنيا القمح) يطبق نظرية حسيبك تسرق وتضحك عليا بمزاجى بس انت تسيبى لى مزاجى (هذا المثل من اختراعى لى كافة الحقوق القانونية والادبية فى استخدامه كوبى رايتس تاعتى انا) يعنى يتفرج على مسلسل كيد النساء والحاجة زهرة وفيلم شارع الهرم وهو بيدخن حشيش بعد صلاة العشا مش قبلها علشان قبلها حرام بعدها اختلف فيها الفقهاء.
اغلبية الشعب كانت مع الاخوان قبل كده علشان فى وجة نظرهم المتدين مش فاسد ومش حرامى الشعب مستعد يغض البصر عن "بعض" السرقة والفساد بس لما تزيد والدنيا تتخنق حوله لا. الشعب ايضا شعر بضائلة قدرة الاخوان على ايجاد حلول سحرية لمشاكل حياتهم عكس ماتم الترويج له قبل ذلك وبالتالى اختارو بمنطق اللى نعرفه احسن من اللى منعرفوش خصوصا انهم ابتدو يعرفو الاخوان اكثر واللى شافوه معجبهمش.
عدم التزم الاخوان بكلامهم. وعود كتير نقضوها. على فكرة الشعب المصرى ممكن يستحمل حاجات كتير بس بينزل من نظره اوى اللى مش بيلتزم بكلمته وده جزء من ثقافة المصريين ولها علاقة بالرجولة واخلاق الصعيد والريف.
ضعف اداء الاخوان فى البرلمان. بسب ضعف صلاحيات المجلس او صراع القوة بين المجلس والاخوان جعل الشعب ينحاز فى صف الجيش. علشان شعر ان الجيش مش حيتنازل عن سلطاته الا بمزاجه ولمن رضى عنه. المصريين اختصرو الطريق.
وجاءت احداث العباسية الاخيرة تصب فى صالح الجيش وضد كل من حشد للعباسية من سلفيين واخوان وثوار. فى النهاية المواطن العادى فى كل مكان فى الدنيا (حتى فى امريكا) لن يستطيع التعايش فى دولة فى اشتباكات امام وزارة دفاعها لانها تمثل بصورة غير مباشرة مصدر القوة والحماية ضد اى تهديد (خارجى او داخلى) ويريد الحفاظ على هذه الصورة تحت كل الظروف. زى مالثوار عندهم رمزية المواطن العادى بردو عنده رمزية هو روخر.
باقى المرشحين بدو بعاد عن خفايا المؤسسات الحكومية وطبيعة مصر كدولة مؤسسات ومنظمات او انعدمها ايهما تختار. الغريبة انى سمعت هذا النقد على برنامج ابو الفتوح وعمرو موسى من عدد من النخبة السياسية وسمعته من عامل فى احدى المصانع من طنطا اختار شفيق قال لى بالحرف "حضرتك عمرو موسى راجل كفاءة فى السياسية الخارجية بس يفهم داهليز الحكومة والعمال والفلاحين لا. لكن اللى اشتغل فى الجيش وعمل المطار اشتغل مع عمال وشركات مقولات يعنى فاهم الدنيا بتمشى ازاى فى البلد يااستاذة."
المطار لعب دور كبير غريبة صح؟ بس لانه للناس كان انجاز ملموس للناس حاجة شايفنها بالرغم عدم اهميتها. برغم غرابة الموقف لكن ناس كتير قالو لى احنا شفنا المطار بس مشفناش حاجة لابوالفتوح وموسى ولا حمدين هما بنو ولاعملو ايه؟. وهنا لايسعنى الا ان اقول اذا كان النخبة لم تقرا البرامج واختارت وفقا للاهواء الشخصية مستعجبش لما المواطن البسيط ينبهر بمطار.
الناس لازالت تبحث عن القوى وخطاب ابوالفتوح هو وموسى لم يكن بالوضوح والقوة المطلوبة. انحدار شعبيبة الاخوان (اقوى التيارات السياسية) صبت فى اكثر المؤسسات قوة من وجه نظر العامة وهى الجيش والمرشح المنتمى لها.
اخيرا الناس زهقت من الكلام على حاجة غير مصر. وهو ده القصة اللى حتوقع الاخوان الى الابد ( قدمو المشئية اللهم انك مجيب الدعاء يارب). الناس لاعايزة تحارب علشان فلسطين (سيبك من كلام اليسار الشعبوى الشعب مش فارق معاه فعلا) ولافارق معاها حد غير اكل عيشه وشغله وصحته. الاخوان بمشروعهم اللى بيضع مصر فى المرتبة التانية هو اكبر عدو لهم. الناس عايزه نفسها واحتياجتها بس ونفسها يعنى بلدها تضمن لها اللى هى محتاجه وبتجرى عليه. محدش عايز يسمع كلام فلسطين والقدس وغزة وامارة اسلامية. الكلام ده راحت عليه. الناس عايزة حد يحطهم هما الاول ومن همومهم غياب الامن وانحازو بشدة للى قالهم ده.
الثورة اللى خربت البلد. من منطلق النقطة السابقة الناس شافت انها دفعت 15 شهر منغير نتيجة. مش كره فى الثورة قد ماخدنا ايه من الثورة؟ وبالتالى اختارو اقرب الناس الى العهد الذى قبل الثورة. اى ريواند ودليت لل15 شهر ونرجع زى ما كنا هو احنا كنا خدنا ايه غير قطع العيش وغياب الامن.
وفى النهاية الموضوع اللى نقدر نستنتجه كالتالى:
الجيش لازال عنده شعبية عند اغلبية الشعب وليس صحيح انه فقدها.
الشعب ادرك انك لاتستطيع خلع المؤسسة العسكرية بين ليلة وضحاها (الدولة العميقة عميقة فعلا) وزى الاخوان عايزين يطبقه مشروعهم بتاع النهضة بالتدريج على 30 سنة (هع هع هع ) لضمان عدم حدوث اهتزاز مجتمعى. الشعب ادرك ان انحسار دور الجيش لن ياتى الا بالتدريج وبالتالى اختارو انتخاب رجل "مدنى بخلفية عسكرية" من خلال انتخاب حر مباشر ديمقراطى. اى خطوة نحو الديمقراطية ولكن نصف خطوة نحو المدنية حتى اشعار اخر!! الشعب عايز يطمن الجيش (ابن الواعية الشعب ده) علشان يسيبه ياخد حقه بشويش. (دى من اكثر النقط اللى ادهشتنى)
الجيش والمجلس العسكرى وامن الدولة طلعو لاعيبه. كرهو الناس فى الثورة والثوار الهطل كملو على الباقى. ملحوظة لازم نشجع اللعبة الحلوة ونعترف بغلطتنا علشان نتعلم.
طبعا فى فلول كتير انتخبت شفيق وده مفهوم ليه
المواطن البسيط مدهش بفطرته وحدسه وقدرته على التحليل والرؤية ببراجماتية اعتى السياسيين
لازلت ارى ان انتخاب شفيق ليس فى مصلحة الكل لانه ليس قائد حقيقى ويفتقد مصدقية واحترام واثبت فشل. واعتقد انه مش حيقق الاستقرار المنشود. وانا ضد عسكرة الدولة قلب وقالبا.
لكن انا هنا بوضح رؤية من انتخبه من عامة الشعب اللى اثبت وعى ونضج حقيقى اى كانت النتائج. وعلينا ان نحترم اختيار الاخرين هذه هى الديمقراطية.
وفى النهاية لا يسعنى الا ان اقول: جمهورية مصر المدهشة
No comments:
Post a Comment