قبل أن
تقرأ ما سأورده من أسباب، أعتقد أنها حسمت
اختياري للمرشح الرئاسي عبد المنعم أبو
الفتوح، سأطلب منك قراءة النقاط الأربعة
التالية والتي يمكن اعتبارها "تمهيداً نظرياً"،
قد يجعل نقاش ما بعد القراءة مركزاً على
أسباب اختياري لأبو الفتوح، بدلاً من
الاستفسار عن انتماءاتي الفكرية!
١.
حمدين صباحي
مناضل حقيقي..
لقد دفع
حمدين ثمن مواقفه النضالية منذ أن كان
طالباً في الجامعة خلال عصر الرئيس الراحل
أنور السادات.
واستمر حمدين
في دفع هذه الأثمان خلال عصر الرئيس
المخلوع مبارك.
وما أثير من
تلقيه مالاً من ليبيا أو العراق خلال حكم
القذافي أو صدام، قد يكون صحيحاً، ولم
يكن ذلك مثيراً للجدل حينها، لأن البعض
اعتقد أن مواجهة مبارك تتطلب بعض "التنازلات"
من أجل دفع
رواتب الصحفيين العاملين في صحف المعارضة!
لكن الرجل
لا يزال يعيش في شقة متوسطة الحجم في
المهندسين (وهي
مقارنة بقصور بقية المرشحين في التجمع الخامس،
تعتبر شقة متواضعة وصغيرة)،
ولا يزال الرجل يعيش حياةً بعيدةً عن
الترف، ويشهد بذلك كل من عرفوه عن قرب.
أما
بالنسبة لما يثار من ارتباط حمدين بمشروع
الرئيس الراحل عبد الناصر.
فهذا في جزء
منه صحيح عند الحديث عن تمسك حمدين بمبادئ
العدالة الاجتماعية التي حرص عليها مشروع
الرئيس الراحل، لكن فيما يتعلق بالحريات
والديمقراطية، فإن عدداً كبيراً من
الناصريين مثل حمدين لديهم تحفظات على
التجربة الناصرية فيما يتعلق بهذا الجزء.
كما أن حمدين
لن يستطيع تكرار التجربة لأن الظروف لن
تسمح له. وعلى
أي حال فأطراف أخرى في الدولة المصرية
تقوم بدورها في قمع الحريات والتعذيب
والديكتاتورية، وهي أطراف معادية لمشروع
عبد الناصر السياسي ومرتبطة بتحالفات مع
كل الجهات الدولية التي كانت تناصب الرئيس
الراحل العداء!
٢.
عبد المنعم
أبو الفتوح مرشحٌ إسلامي..
لا جدال في
ذلك!
ارتبط
عبد المنعم أبو الفتوح بالحركة الإسلامية
في مصر منذ سنوات تكوينه السياسي وهو
طالبٌ في الجامعة.
ومن يقرأ ما
كتب عن سيرته الذاتية يدرك أن تأثير
المشروع الإسلامي في أفكار وطروحات أبو
الفتوح عميق للغاية وغير قابل للتأويل.
بالتالي
كل ما يثار حول أن الرجل يساري الهوى
وليبرالي الفكر وإسلامي الجذور ورأسمالي
على طريقة الاشتراكيين الأوربيين ويميل
إلى يسار الوسط..
كل هذه
التعريفات السياسية المتناقضة التي يحاول
البعض إلصاقها بأبو الفتوح (دون
أن ننكر أنه هو أول من صرح بأشياء شبيهة
في حوارات تليفزيونية)
هي محض "تهريج"
و"استعباط"
للناخب الحيران
الذي يريد التصويت لأبو الفتوح لكنه يخشى
من مشروعه!
٣.
الخوف من كلمة
"إسلامي"
لن يؤدي
بالضرورة إلى نتائج أفضل!
يطلق على
جمهورية الهند اسم "شبه
القارة الهندية".
ويعتقد البعض
أن التسمية مردها إلى التنوع الجغرافي
والعرقي الهائل الذي تتميز به هذه الجمهورية
التي يعيش فيها أكثر من مليار إنسان.
قد يكون هذا
صحيح. لكن
الصحيح أيضاً أن هذه الجمهورية هي قارة
بالمفهوم السياسي!
فضمن الجمهورية الهندية الفيدرالية، ولاياتٌ
تخضع لحكومات ومجالس برلمانية منتخبة.
وبعض هذه
الولايات تحكمها أحزابٌ شيوعية فيما
جيرانها من الولايات الأخرى تخضع لحكم
أحزاب ليبرالية تؤمن بالسوق الحر.
ولا يخشى
الناخب الهندي من التصويت، رغم تدينه أياً ما كان هذا الدين،
لحزب يساري أو شيوعي، ثم التصويت في
الانتخابات التي تليها لحزب ليبرالي،
طالما ستسعى تلك الأحزاب على اختلاف
انتماءتها الأيدلوجية إلى خدمة تطلعاته
في حياةٍ كريمة.
وفق التجربة الهندية فإن الناخب في أي نظامٍ
ديمقراطي يجب أن يكون مدركاً لما يريد، وقادراً على اختيار مرشحه وفقاً لقدرته على تلبية تطلعاته.
لكن الواقع يقول أن ما يحدث
في مصر يشير الى أن الناخب يختار مرشحه وفقاً لما
قد يسمعه من سائق تاكسي حول "مؤامرات
تحاك من خلال هذا المرشح أو ذاك"،
أو حتى يقرر عدم التصويت لمرشح وفقاً
"لحساسية
فكرية يعاني منها"
مثل الحساسية
من كلمات مثل "إسلامي"
أو "شيوعي"
أو "استغفر
الله العظيم ليبرالي وعاوز جنس جماعي في
ميدان التحرير زي اللي بيحصل في ميادين
أمريكا"..!
وإذا اتجهنا شرقاً وتحديداً الى الصين، فقد اقتبس "الرفيق"
دينج زياو
بينج (الراعي
الحقيقي لنهضة الصين الصناعية والاقتصادية) حكمةً صينية قديمة تقول:
ليس مهماً أن
يكون لون القط أبيض أم أسود.
المهم أن
يلتهم الفأر!
وكان سبب هذا الاقتباس ما سئل عنه حول النظام الاقتصادي الأفضل للصين.
٤.
ما أعتقده
الآن ليس بالضرورة ما سوف يكون عليه
اعتقادي في المستقبل.
وما أقوله
صوابٌ يحتمل الخطأ، كما أن ما ستتفضل به
قد يكون خطأً يحتمل الصواب..
والله من وراء
القصد.
الأسباب
التي من أجلها اقتنعت بأن أبو الفتوح هو
الخيار الأسلم \
الأنسب \
الأقل ضرراً
\ الأكثر
منفعة (اختر
الإجابة التي تروق لك من بين ما سبق!)..
١.
المد الإسلامي
قادم.. ما
العمل؟
لا يمكن
فصل ما يجري في مصر عن شيئين:
الأول:
ما يجري في
الإقليم.
الثاني:
ما جرى في
السابق!
ذكر
النقطة السابقة يؤدي بالضرورة إلى ذكر
النقطة التالية.
"فراغ
السلطة"
هي حالة غير
طبيعية ولا تستطيع المجتمعات أن تقبل
بها، وبالتالي تتصارع القوى من أجل ملء
هذا الفراغ والإمساك بالسلطة.
وما ينطبق
على السلطة، ينطبق على الأيدلوجيا.
فالمجتمعات
لا تستطيع أن تعيش بدون مشروع تؤمن أنه
الأصلح لها ويتسق مع تكوينها التاريخي.
وما ينطبق
على السلطة من أحادية الطرف الذي يستحوذ
عليها، حيث أنها لا تقبل القسمة أو الشراكة،
ينطبق على الأيدلوجيا.
فإذا كان
المشروع القومي في صعود (كما
حدث في الخمسينيات والستينيات)
فإن المشاريع
الأخرى لا تشاركه هذا الصعود.
وإذا
عدنا إلى التاريخ (وهو
أحد اللاعبين الفاعلين على الساحة السياسية
في مصر الآن)
سنجد أن
المشروع القومي الذي بدأ مع الثورة العربية
الكبرى وحركات الاستقلال الوطني، انتهى مع
هزيمة ١٩٦٧، والتي لم تكن هزيمة عسكرية،
بقدر ما كانت إعلاناً لوفاة مشروع فكري
كامل.
في أعقاب
١٩٦٧ وقعت المنطقة العربية ومصر (بالتبعية
أو بالقيادة)
في حالة "فراغ أيدلوجي"
ولم تجد الشعوب
العربية طريقاً لملء هذا الفراغ سوى بإعادة
إحياء المشروع الإسلامي، الذي كان سلطة
فعلية في العالم العربي من خلال الامبراطورية
العثمانية.
هذه المرة
وجد المشروع الإسلامي في المملكة السعودية
شرياناً مالياً يستطيع تمويله إعلامياً
وعقد الصفقات معه، كما جرى في "تصدير"
المجاهدين
إلى أفغانستان من أجل القضاء على "الملاحدة
الشيوعيين".
ولم يجد دعاة
المشروع الإسلامي ورعاته غضاضة في التحالف
مع إدارة ريجان في البيت الأبيض.
فأمريكا "دولة
مؤمنة بكتاب سماوي"
وهي قادرة
على "التدريب
والمساعدة من خلال وكالة الاستخبارات
المركزية"،
كما أن التحالف معها هو "للضرورات
الجهادية الآنية".
انتهت
الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي
وبانتقال بوصلة "الجهاد"
من موسكو إلى
واشنطن. وهنا
انقسم المشروع الإسلامي لمشروع "جهادي
حركي"
بقيادة أسامة
بن لادن وفروعه حول العالم.
ومشروع "وهابي"
يحاول المواءمة بين التحالف مع الغرب وبين الانعزال
والتشدد في الداخل.
السناتور تشارلي ويلسون، صاحب فكرة تسليح المجاهدين والاتفاق مع مصر على ذلك من خلال جلساته مع المشير أبو غزالة |
خلال تلك
الفترة كانت مصر تعاني من حكم يفتقد الرؤية
والمشروع والهدف.
فرعونها
الباهت استطاع أن يحول بلداً عملاقاً من
مركز ثقل إقليمي وحضاري إلى حليفٍ صغير
للولايات المتحدة.
يكفي أن أحد
الصادرات الرئيسية لمصر خلال الثمانينات
كان مخزونها من السلاح السوفيتي إلى
المجاهدين الأفغان.
أو تصدير
مخزونها من السلاح (وأحياناً
الجنود) إلى
عراق صدام في حربه العبثية مع إيران
الخوميني!
كان من
المنطقي إذن أن يؤدي هذا الفراغ في المشروع
لدى المصريين إلى "استيراد"
المشروع
الوهابي من السعودية، التي تحولت من "نقيض
حضاري"
لمصر خلال
الستينيات إلى "طرف
رئيسي في الساحة الداخلية"
خلال التسعينيات
والسنوات العشر الأولى من الألفية الثانية.
ومع سقوط
مبارك وواجهة نظامه، كان أمام اليسار في
مصر فرصة تاريخية كي يكون له مشروعه في
الشارع، لكن انقسامه الحاد بين رموز قديمة
"احترفت"
المعارضة
خلال نظام مبارك، وبين وجوه شابة لا تملك
أي خبرة في الاتصال مع الشارع، أدى إلى
ضياع هذه الفرصة.
كان
الشارع في مصر مهيئاً أكثر من أي وقتٍ مضى
للترحيب بالمشروع الإسلامي وممثليه.
وهو ما ظهر
في الاستفتاء على التعديلات الدستورية
وفي نتيجة مجلس الشعب.
كما أن الإقليم
كان يسير في هذا الاتجاه، وهو ما أثر بشكلٍ
غير مباشر على احتضان الناس لهذا المشروع.
فأكثر القنوات
الإخبارية العربية تأثيراً وانتشاراً
ظلت تبشر وتروج لهذا المشروع منذ حرب
العراق في ٢٠٠٣، وصولاً لما عرف إعلامياً
باسم "الربيع
العربي".
وفق ما
تقدم فإن فوز مرشح إسلامي في الانتخابات
الرئاسية القادمة يبدو الأقرب للحتمية التاريخية.
لكن مع مرشح
جماعة الإخوان محمد مرسي فإن الوضع سيكون
حالكاً أمام القوى المدنية
والثورية، والتي ستجد نفسها محاصرة بين
شارع ترتفع به أسهم "الفاشية
الدينية"
وبين تحالف هذا الشارع مع
مجلس شعب ورئيس من نفس اللون السياسي.
وهو ما سيؤدي
في أحسن الظروف إلى عدم وقوف الدولة أمام
هذه الفاشية أو في أسوأها الى العمل على تفصيل
قوانين تؤدي إلى القضاء على هذه القوى
المدنية. وربما من المفيد الإشارة هنا الى أن هذه القوى المدنية لن تجد في الجيش حامياً
لها بحكم التناقض المنطقي بين هذه القوى
والمؤسسة العسكرية.
إذن فإن
أمام هذه القوى المدنية فرصة في التحالف
مع مرشح ذي مشروع إسلامي وسطي يمكن ترويضه
من الداخل بدلاً من التعامل مع مشروع
إسلامي خاضع لجماعة مؤمنة بالاستبداد
الفكري والحركي.
وفي حال
فشل مشروع أبو الفتوح لدى الشارع، سيكون
أمام هذه القوى المدنية والثورية فرصة
في طرح نفسها أمام الناخب في الانتخابات
القادمة. كما
سيكون لديها الفرصة لبناء برنامج حقيقي
تقدمه للناخب خلال الولاية الأولى لأبو
الفتوح، والتي سيكون مشغولاً فيها بمعارك
مع البرلمان والمجلس العسكري حول صلاحياته.
٢.
الفقراء أم
رجال الأعمال؟ هذا هو السؤال..
يبدو هذا
السؤال صعباً.
فكيف يمكن
بناء اقتصاد بدون رجال أعمال عندما يكون
شركاؤك التجاريون لا يؤمنون سوى بالسوق
الحر وتحفيز المبادرات الفردية.
لكن إهمال
الفقراء، وهم القاعدة الأوسع في المجتمع،
يعني القضاء على أي تنمية يمكن أن يحققها
الاقتصاد، وذلك بسبب الانتفاضات والاضطرابات
التي ستندلع بسبب عدم وفاء الحكومة
باحتياجات الفقراء.
في
البرنامج الرئاسي لمحمد مرسي، الواجهة
القانونية لخيرت الشاطر وجماعة الإخوان،
تبدو الإجابة على هذا السؤال واضحة.
فالخصخصة هي
الحل، وإشراك رجال الأعمال الوطنيين
(نعرف
مقدماً من هم!)
في تقديم
الخدمات للمواطنين هو السبيل لخدمة
الفقراء!
ومن يطلع
على البرنامج الاقتصادي لرئيس الوزراء
البريطانية السابقة مارجريت ثاتشر وما
فعلته بالاقتصاد البريطاني، سيدرك أن
جماعة الإخوان بذلت جهداً محموداً في
ترجمة برنامجها من الانجليزية إلى العربية!
بالطبع
برنامج أبو الفتوح ليس الأفضل (على
كل ما فيه من مكاسب اجتماعية)
في خدمة
الفقراء.
فبرنامج خالد
علي أكثر وضوحاً في انتمائه إلى الفقراء
وفي صياغة أهدافه الاقتصادية المتعلقة
بالعدالة الاجتماعية.
لكن الشارع
لا يزال غير مستعد لبرامج من مرشحين
يساريين أو ليبراليين.
فهذه لحظة
المشروع الإسلامي، وعلى من يريدون خدمة
الفقراء أن يدركوا ذلك.
٣.
موسى أم مرسي.. اغمض عينيك وفكر في مصر!
لمن يخشى
اختيار أبو الفتوح، بسبب انتمائه السابق
للإخوان والحالي للمشروع الإسلامي، فإن
بقية الخيارات الأكثر حظاً في الفوز
بالرئاسة ليست بالضرورة أفضل.
وحتى لا نصل
إلى مرحلة الاختيار بين وزير خارجية مبارك
السابق عمرو موسى أو واجهة خيرت الشاطر،
محمد مرسي، فإن انتخاب أبو الفتوح قد يكون
"الأقل
ضرراً" لمن
يخشى على الحريات العامة والقوى المدنية.
فموسى
سيكون ضعيفاً أمام جماعة الإخوان ومضطراً
كي يكون مزايداً عليها أحياناً ومهادناً
لها في أحيان أخرى.
بعكس أبو
الفتوح الذي لن يضطر للجوء إلى المزايدات
مع الإسلاميين.
أما
اختيار مرسي فهو مثل اختيار مزيج من الحزب
الشيوعي الصيني (استبداد
القيادة ممثلةً في جماعة الإخوان)
وإدارة جورج
دبليو بوش الجمهورية (كيمين
سياسي محافظ)
وحكومة ثاتشر
(في
سياساتها الاقتصادية).
أما إذا
انتهت الجولة الثانية إلى منافسة بين
عمرو موسى ومحمد مرسي فإن عدداً كبيراً
من المصريين سيجدون أنفسهم في موقفٍ شبيه
بما حدث في مسرحية إنجليزية شهيرة كانت
تعرض خلال السبعينيات.
تحكي
المسرحية عن أن رجل أعمال بريطاني دعا
أمراء عرب إلى حفلة من أجل أن يفوز بصفقات
تجارية مع دولهم.
ولما كان رجل
الأعمال يدرك ولع هؤلاء الأمراء بالنساء،
فقد استأجر لهذه الحفلة أفضل ما يمكن
للمال أن يحصل عليه من نساء!
سارت
الحفلة كما هو متوقع، حتى كانت "اللحظة
الفارقة"
حين طلبت زوجة
رجل الأعمال البريطاني من زوجها الانفراد
به لإخباره أمراً هاماً.
بعد تململ
منه، وافق على ترك مدعويه والاستماع إلى
زوجته مارجريت التي قالت له:
جون..
الشيخ العربي
يريد قضاء ليلته معي..
ماذا أفعل؟
جون: كنت أفضل ألا تخبريني بذلك!
مارجريت:
ماذا أفعل؟
هل يعقل أن أخونك من أجل المال؟!
جون:
عزيزتي..
اغمضي عينيك
وفكري في بريطانيا..!
أخشى أن
نصل إلى اللحظة التي "نغمض
فيها أعيننا ونفكر في مصر"..!
ملحوظة:
الإنسان حيوان
اجتماعي يتطور..
ولما لم أكن
مقتنعاً بالتصويت لأبو الفتوح (أو
بالتصويت في الانتخابات أصلاً)
فإن تغير
موقفي جاء بعد حديث طويل مع الصديق محمد
هاني. فله
الشكر إن كان القرار صائباً، وليس عليه
حرج إن لم يكن كذلك.
توارد خواطر :) أنا لسه مقرره أنتخب أبو الفتوح امبارح لنفس الأسباب . بس معرفش أكتبها بأناقه و حرفيه كده :)) دلوقتي هدي اللينك لكل حد يسألني ليه
ReplyDeleteحلو جدا بس فيه نقطتين مش قادرة أسامح أبو الفتوح عليهم وهم: مناشدته طول الوقت أو بمعنى أدق هتافه "الجيش والشعب ايد واحدة" (ودي موضوعها طويل أوي) ثانياً انه سعى للرئاسة بمعنى انه انفصل عن الإخوان علشان يترشح
ReplyDeleteمع اتفاقي مع جزء كبير من طرحك بس شايف ان النتيجة اللي وصلتلها ممكن اتفهمها لو اللي بيطرحها حزب او جماعه سياسية بتخضع لموازين القوي و الصراعات السياسية و موائمات مع الطرف الاقوي لتحقيق مصالحها نتيجة لقبول امر واقع بس في رائي ده مش مقبول في انتخابات شعبية بالتصويت الفردي لأنك بالطريقة دي بتضع العجلة امام الحصان بتختار تيار لمجرد اقتناعك لانه الاقوي مش الافضل رغم ان المفروض ان اختيار الافضل يبقي هو المعيار لتحديد الاقوي مش العكس
ReplyDelete( بٌص العـصفورة ( 1 )
ReplyDeleteمنذ ستون سنة أو أقل قليلاً ، و رغم صغر سنى ، أذكر أن والدى رحمه الله قد أخذنى إلى أحد المستشفيات ، حيث وضعونى على أحد الأسرة ، ثم قال لى أحدهم بص العصفوره ..... وكنت أنظر إلى سقف الغرفة ومازلت أذكر صوت العصافير وهى تطير فوقى تحت سقف الغرفة ...وفجأة أحسست بألم فظيع وعلا صراخى و أنا لاأفهم ماذا حدث و كان كل من حولى فرحاً مبتسماً و يقول لوالدى مبروك . وأخذنى والدى (رحمه الله) ملفوفاً فى بطانية صغيرة كان قد أحضرها معه و أوقف تاكسى و ذهب بى إلى منزلنا وهو يحملنى وقابلتنا والدتى (رحمها الله) وهى قلقة و مبتسمة وقال لها والدى : مبروك ،،،، طاهرناه. وإنطلقت زغروته من الخادمة فرحاً بهذا الخبر .ولم أفهم فى فى ذلك الوقت وعمرى يقارب الثلاث سنوات تقريبا إختلاط مشاعر الألم الذى أحس به مع مشاعر الفرح والعطف و الإنتصار لكل من حولى ، ولكننى كنت أحس بأنه قد غرر بى ( إتضحك عليا ) و فقدت شيئاً لاأعرف ماهو ، ولكننى أقسم بأننى مازلت أذكر وصدقت بأنه كان هناك فى سقف غرفة ذلك المشفى ثلاث أو أربع عصافير كانت تطير وتغرِد .
الآن وبعد كل هذا العمر والخبرات والتجارب والأحداث منها السعيد ومنها الحزين (وأشكر الله أن أطال فى عمرى) لأرى بأم عينى ثورة شعبية حقيقية بكل المقاييس على أرض مصر ،فجرها شباب أبهروا العالم بعد سنين طويلة من القهر و الظلم والإستبداد و بعد تراكمات طويلة من المعاناة والتهميش .
أرى فى سماء مصر كثيراً من العصافير وهى تطير و تغرِد ، فهناك الكثير من القوى و الأحزاب و التنظيمات و الأشخاص من يقول لنا جميعا بص العصفورة و ذلك لإقتناص اللحظة ، فشباب الثورة قالوها لنظام مبارك ، بص العصفورة ، ثم اجبروه على الرحيل فى 11 فبرير 2011 . و شباب الثورة قالوا لجيلنا بص العصفورة وحققوا مالم نجرؤ يوما أن نحققه أو نحلم بتحقيقه " وهذا هو الجانب المفرح فى فلسفة بص العصفورة " .والآن و بعد سنة و نصف من الثورة المبهرة و الرائعة و حتى كتابة هذه السطور أرى الكثيرين ممن قالوا و يقولون لنا كل يوم "بص العصفورة " وهذا هو الجانب المحزن فى فلسفة " بص العصفورة" . أتمنى أن لا يصدق المصريون مثلى أن هناك عصافير مازالت تطير و تغرد فى سماء مصر ، فالكل يريدنا أن ننظر إلى أعلى لنستمتع بمشاهدة العصفورة ليقتنصوا الفرصة و يطاهرونا جميعاً.و لذلك لم أنتخب ولن أنتخب أحد حتى تختفى جميع العصافير