Thursday, 15 March 2012

الشيخ حازم: الرئيس رؤية مش حلول.. وأنا زي أوباما


شاهدت ساعتين وواحد وعشرين دقيقة من لقاء مع المرشح الرئاسي حازم صلاح أبو اسماعيل. ساعتين منهم متكلما بمهارة شديدة، يحسد عليها، وقدرة على الوصول لنفسية الناخب المصري المتوسط!

في الحوار الذي أداره خيري رمضان، بطريقة تشبه طريقته في استضافة الفنانات في برنامجه الراحل مصر البيت بيتك، ومن بعده مصر النهاردة، تناوبت ست شخصيات عامة على طرح أسئلة على المرشح الرئاسي حازم صلاح أبو اسماعيل، بينما تناوب هو على دحض ما جاءوا به عبر جمل مثل: لو حضرتك سمعتي اللي قلته، كنتي عرفتي إني أطرح ما تطرحينه.. لا فرق بين رأيك ورأيي.. لو شوفت الفيديو كاملا، وأنا أدعو الأستاذ خيري لعرضه كاملا فيما بعد، لكنت عرفت ما أقصد.. وهكذا..

هذه هي ملاحظات سريعة على ما قاله المرشح الرئاسي حازم صلاح أبو اسماعيل:

1. من الواضح أن عددا كبيرا من المستشارين وأساتذة الجامعات يعملون معه، فضلا عن أعداد غفيرة من الشباب المتحمس القادر على إعداد الملفات له عن الشخصيات التي دخلت كي يتحاور معها. في أكثر من مناسبة خلال اللقاء كان من الواضح أنه يتبع استراتيجية مع كل شخصية بناء على المعلومات التي لديه عنها. كان ذلك واضحا جدا في رده على النقاط التي طرحتها فريدة الشوباشي.

2. كان الرجل ذكيا للغاية في الحفاظ على هدوئه ويقظته خلال ساعتين وثلث. لم يحرج خيري في الرد على أسئلة، كان من الواضح منها أن خيري لا يعرف عنها شيئا. مثلا عندما قال حازم ردا على سؤال ما هي المناصب التي توليتها: "أنا وأوباما زي بعض. الرجل لم يتول مناصب وأنا أيضا.” ليقول له خيري رمضان: "لا بس أوباما كان عنده مناصب ومسيرة سياسية حافلة..” ليقاطعه حازم: "قولي أيه هي؟" خيري: "مناصب..” حازم: "أيوا أيه هي؟؟" خيري: طيب بالنسبة للعمل النقابي..(والكفتة!)

3. أيضا كان ذكيا في التحاور مع الستة الذين التقوه على دفعتين. ففي الدفعة الأولى كان هناك أستاذ اقتصاد، من الواضح أن له اتجاها ليبراليا، وصحفية يسارية وهي فريدة الشوباشي، وأسامة الغزالي حرب (وهو غني عن التعريف).

مع أستاذ الاقتصاد الذي حاول سؤاله عن أرقام محددة متعلقة بحجم الديون والناتج القومي، كان من الواضح أن الشيخ حازم لا يعرف عنها شيئا ويخشى أن "يضرب" رقما من الأرقام التي اعتاد على إتحافنا بها، فيقف له أستاذ الاقتصاد بالمرصاد. لذا كان رده: أنت الراجل الخبير في الاقتصاد واللي عارف الأرقام كلها.. لما ابقى رئيس ابقى أعينك وزير.. إنما أنا لا تعنيني الأرقام وإنما تعنيني الرؤية، فالرئيس رؤية وليس ماكنة لحفظ الأرقام.. (وهذا بالطبع يصلح فقط في الحالة الأمريكية حيث الموارد كثيرة وما على الرئيس سوى التعبير عن الرؤية الاقتصادية للحزب الذي رشحه، أما في الحالة المصرية أو البرازيلية أو أي دولة من دول العالم الثالث، فأنت بحاجة لرئيس يقدم حلول مركبة لمشاكل معقدة، وبالتالي النموذج الاقتصادي للشيخ حازم لا يصلح سوى للظهور التلفزيوني).

4. كرر الشيخ حازم مثالا شبيها بالمثال الذي ضربه حول بيع عشرين مليون سيارة في مصر وقدرته كرئيس على فرض قانون معين، لم يقل ما هو ولكنه مطبق وفق ما قال في أوروبا وأمريكا، في إجبار المصانع اليابانية والألمانية والأمريكية في أن تأتي  لصنع سياراتها في مصر وبالتالي حل مشكلة البطالة وجعل العمالة المصرية تحتك "بالخواجات". لكن هذه المرة، وبعد أن خرج بعض الخبراء ليقولوا أن رقم عشرين مليون سيارة هو رقم افتكاسي مبالغ فيه وأن العدد لا يزيد عن مائة وخمسين ألف سيارة تقريبا، اختار الشيخ حازم أن يكون المثال هذه المرة عن أجهزة الموبايل، على اعتبار أن "الفتي" في أعداد مبيعاتها قد يكون صعبا في الحصر! لكن في النهاية كانت رؤية الشيخ حازم لا تختلف كثيرا عن حصص مدرسة التربية الاسلامية أو مدرس اللغة العربية عندما يصاب بالضجر في إحدى الحصص ويقرر "الفتي" في الاقتصاد ويطرح حلولا "طيبة" لمشاكل معقدة، ويزرع الأمل في قلوب طلاب يريدون أن تنتهي الحصة بأي شكل كي يعودوا لاستكمال مباراة كرة لم تنته بعد.

5. مع فريدة الشوباشي اختار الشيخ حازم أسلوب الاحتواء السريع والصادم. كل ما قالته في الموجة الأولى من الهجوم رد عليه بـ: أنتي بس علشان ما تعرفنيش، ولكنك لو تعرفيني ستجدي إني بقول كل كلامك فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية وحقوق الفقراء.. ثم خلال الحوار قال لها: أنا عارف إنك كنتي مسيحية وأسلمتي؟ فريدة: أيوا وهي دي عيبة؟ حازم: إطلاقا.. لكنه تجنب الصدام معها واتفق معها في كل الأمور المتعلقة بأم الشهيد القبطي والعدالة الاجتماعية وحق المرأة في العمل وعدم إجبار الناس على النقاب أو الحجاب.

6. مع أسامة الغزالي حرب، كان الشيخ حازم ذكيا في "ضربه تحت الحزام" بمهارة عندما قال له: بالنسبة لخبراتي، حضرتك كنت أكثر مني حظا في إنك اشتغلت في لجنة السياسات مع جمال مبارك وكل دي كانت خبرات، إنما أنا حرمني النظام السابق من هذه الخبرة.. (طبعا وجه أسامة كان يعبر عن درجة لونية تقع ما بين اللون الأحمر القاني والبنفسجي الفاتح!) ثم حاول أسامة أن يرد الضربة بأن سأل الشيخ حازم: هو استقلال مصر سنة كام؟ فرد الشيخ حازم: عيب لما تكون دي قعدة ثقافية وتيجي تسألني في المعلومات العامة.. هو أنت بتختبرني؟ (ثم وجه يعبر عن خيبة الأمل فيمن كان يظنه أخاً وحبيباً).

7. أما مع الدفعة الثانية والمكونة من المخرج محمد دياب (صاحب لون إسلامي لايت) ونائبة قبطية ونقيب الفلاحين، فإن استراتيجية الشيخ حازم لم تتغير. حيث مع نقيب الفلاحين، الفلاح الأصيل، قال له الشيخ حازم: أنت تتكلم وأنا أمشي وراك.. دة أنت أستاذنا.. دة أنا فلاح ومن قرية.. دة الفلاحين أهلي.. (فيقوم نقيب الفلاحين بسؤاله أسئلة محددة لمعالجة مشاكل مزمنة، فيرد الشيخ حازم) طيب أسمع الاجابة يا حج.. أنت بتسأل ومش عاوز تسمعني.. أنا كنت لسة جايلك في الاجابة.. دة كدة مش حوار (ونظرة عتاب رقيقة، لأن الشيخ حازم يعلم أن نقيب الفلاحين يعني كتلة تصويتية معتبرة).

8. مع النائبة القبطية، طبق نظرية الاحتواء المزدوج الفعال! فمع الموجة الأولى من استفساراتها والتي وثقتها بحديث تلفزيوني أدلى به وفهم منه أن يريد أن يجعل كل النساء منقبات، أجاب: أنا سعيد أوي بالأسئلة وسعيد بهذا التوثيق وأنا ليس لي علاقة بمن يلبس الحجاب أو من يلبس النقاب ولكن كنت باقول إنشالله كل الستات يلبسوا نقاب.. يعني صيغة عامية لا أعني بها خطة.. ثم إن كلامك دة حيخسرني 65 قبطيا يعملون في حملتي.. وأنا وأنتي بنقرأ من نفس الصفحة وأفكارنا زي بعض.. (وليحيا أبواسماعيل الذي لن يغامر بخسارة كتلة تصويتية مثل الأقباط أو على الأقل تحييدها!)

9. أما مع المخرج محمد دياب، فقد بدأ الشيخ حازم الاشادة به واتبع معه نظرية الاحتواء الحذر (يكفي أنه يمثل جيل شباب الثورة، أو هكذا تخيل الشيخ) ثم عندما طلب دياب عرض مقطعي فيديو، رفض الشيخ حازم بحزم، فاضطر دياب ليقول أن المقطع الأول هو تفسير الشيخ حازم لحروف كلمة بيبسي وهي أدفع كل مليم تنقذ إسرائيل، وأن هذا غير معقول لأن البيبسي اخترعت وفق دياب عام 1902 أي قبل قيام إسرائيل، لكن الشيخ حازم أبدى أسفه على هذا السؤال وبعد أن كسب وقتا يفكر فيه خرج علينا بالتخريجة الآتية: مادة البيبسين اخترعها واحد يقول عن نفسه ماسوني وقد اخترعها في نفس العام الذي عقد فيه مؤتمر بازل بسويسرا لدعم إسرائيل.. وكنت تشوف الفيديو كله علشان تعرف المعنى الذي أقصده (ثم يرتفع صوت الشيخ حازم ليقول) يا للعار ويا للهول ويا للجهل ويا لـ (وكلمات أخرى تدل على الغضب) وطبعا كان الشيخ يعلم أن الناس لن تنتقده لأنه في خلال مقدمة الحديث أثبت لهم أن دياب "تقريبا" من نفس "قماشة" الشيخ وبالتالي فلن يلام على إنه "شد عليه شوية"! وطبعا كان فيه مقطع عن "الشيخ الشهيد أسامة بن لادن" لكن الشيخ حازم بحزمه غضب وقال كلاما عن أمريكا وكيف نساوي بين القاتل والمقتول وانتهت الحلقة بالشيخ حازم وهو يأسى لفهم ابنه محمد دياب الخاطئ له.. مش كنت تشوف الفيديوهات للآخر يا محمد؟!

10. بصرف النظر عن من سيربح الانتخابات الرئاسية ومن سيخسرها، فإن الشيخ حازم هو أكبر الخارجين منها بربح! ففي ظل هذه اللحظة التي يعيشها مجتمع يبحث بشكل محموم عن طريق، فإن قطاعا كبيرا، ولو عدديا، مقتنع بأن الشيخ حازم هو الرجل المناسب لهذه المرحلة، وأنه يمثل الأمل والتفاؤل، حتى وإن بدا أملا بلا أي أساس منطقي! ولكن في بلد لا يعرف المنطق، يصبح الحديث عن المنطق أمراً غير منطقي!

لذا فإن الشيخ حازم سيخرج من هذه العملية الانتخابية بكتلة عددية مؤمنة بأنه الرجل الذي خسرته مصر وأنه يمكن أن يكون زعيما لحزب مؤثر في الحياة السياسية.

11. تبقى إشارة أخيرة، أنه لو كانت المعايير الأمريكية في اختيار الرئيس مطبقة في مصر، ولو كان الشعب المصري يمتلك العقلية الأمريكية في اختيار الرئيس، لصعدت حظوظ الشيخ حازم من 35 في المئة الى 80 في المئة على الأقل! فالرجل ماهر في دغدغة العواطف الدينية بشكل شعبوي ممنهج!


8 comments:

  1. تحليل رائع .. من الذكاء مخاطبة كُلٍ على قدره وثقافته .. ولكن دون الحيود عن الخطوط المحدِدَة لشخصية المتحدِث .. والوضوح فى الإجابة عن الأسئلة .. وهو مالم يفعله الشيخ حازم .. شكراً :)

    ReplyDelete
  2. أنا لم أتخذ قراري بتأييد حازم من غيره
    ولكن تحليلك يا عزيزي فلسفي بشكل زايد ، أي أنك تنتفد في الرجل زكائه الاجتماعي في احتواء أنداده ، بالرغم من أن ذلك ليس عيب في رئيس جمهورية بل العكس هو الصحيح
    كما أني بصراحة لا أفهم مطالبتك إياه وغيرك الكثير بتقديم حقائق وأرقام دقيقة سواء لبرنامجه أو للواقع ، ونسيتم أننا نعيش في بلد عاشت لردح من الزمان على البركة ولم تتوافر بها المعايير السليمة لقياس الأمور

    ReplyDelete
  3. انت شايف مبدئيا ان 150000 سيارة دي حاجة قليلة؟
    لو فرضنا ان كل سيارة ب75000 يبقى انت بتتكلم في 12 مليار بيهربوا برة البلد في واردات ممكن تعملها. فضلا عن لو اتجهت الى اسواق زي افريقيا او الخليج. دة غير ان الرقم دة اكييد هيزيد مع حركة السوق و تخلي الناس عن. سيارتها القديمة و احلال كثير من السيارات المتهالكة. و بالنسبة للمحمول استحلفك بالله انت سايف ان شعبنا بيستهلك قد اية؟ دة لو حتى 5 مليون انا موافق. كفانا استهلاكا و ان كنا مستهلكيين فليكن بفائدة

    ReplyDelete
  4. حضرتك بتعيب فى الرجل ذكاءه الاجتماعى فى تحضيره وحديثه مع المتحاورين لكن دى نقطه لصلحه،وازاى لو تم اختيار الرئيس بالمعاير الامريكيه كان الرجل اخذ 85% وهو بكل هذا الكم من الارقام الغلط والمعلومات الغلط فى حوارات سابقه والروئيه الغير منضبطه؟
    المفروض لو الناس بتختار بمعاير صحيحه ومحدده تنزل نسبته مش تزيد...وشكراً لك

    ReplyDelete
  5. للأسف أتمنى أن نكتب مقالة بدراية موضوعية.. أنا هذا المقال هدفه تحديد السلبيات و إن قلت و ترك الإيجابيات و إن كثرت
    لا تقدسوا الإسلاميين فمنهم على صواب و منهم على خطأ
    يجب معرفة دورنا قبل دور الأخرين و هو:
    1) الوقوف بجانب من يعمل لمصلحة مصر
    2) إعطاء نقد بناء يهدف إلى تصحيح المسار الذى يبعدنا عن نهضة مصر
    3) ترك الخلافات التى لا تهدف الى مصلحة الشعب و الوطن (بيبسى إيه)

    ReplyDelete
  6. http://www.facebook.com/Freedom4EgyptAlhrytMnAjlMsr/posts/272798922800849

    نفس موضوع النقاش .. يشرفنى معرفة ارائكم

    ReplyDelete
  7. متابعتك مفيدة سواء على المدونة أو تويتر .

    ReplyDelete
  8. عاجبني جدا التفسير لحالة حازم..هو بيتكلم بطريقة ماتخليش للسانك اعتراض على قوله
    وهو دايما بيقول لكل الناس انا بقول نفس كلامك ومعاك فى رأيك
    مع ان ده ماينفعش الناس اللى قابلهم ليهم افكار مختلفة مستحيل يقدر يجمعهم غير فى الكلام بس
    لكن على الواقع صعب .. لذلك هو كلامنجي كبير

    ReplyDelete