أبو اسماعيل أبعد من أن يكون مرشحاً رئاسياً فقط! هو تعبير عن عقلية تحب السباحة الحرة في الخيال ومصطلحات مثل "البغددة" و"العز" و"المحمر" و"المشمر".
المرشح الرئاسي حازم أبو اسماعيل، ومن خلاله أحاديثه حول دعم إسرائيل من خلال بيبسي، والتريليونات الموجودة في خزائن مصر، وتحويل الرمال الى ذهب من خلال مصنع نظارات ألماني (لم يقل ما هو عنوانه لكنه موجود طالما قال ذلك) هو تعبير عن عقلية لتيار كبير في المجتمع.
عقلية تستسهل الخيال المليء بأنهار اللبن والعسل دون أن تفكر في كيفية الوصول لهذه الأنهار أو العمل من أجل بناء قاعدة صناعية حقيقية، تحقق قيمة مضافة للاقتصاد. عقلية تريد أموال الخليج وغابات أوروبا ورخاء أمريكا دون أن تفكر في العمل مثل اليابان أو ماليزيا!
عمرو موسى أكبر من كونه مرشح النخبة بمفهومها الطبقي. هو تعبير عن عقلية تجد أن رجل الدولة هو سيجار وكرافتة وكاس ويسكي وكلمتين تلاتة انجليزي..!
بعض الأصدقاء أضافوا لهذه المواصفات: ولغد..!
لكن بعيدا عن المواصفات الشكلية فإن عمرو موسى يمثل عقلية تعتقد أن مصر هي دولة محورية في الشرق الأوسط ومحوريتها تفرض عليها أن تستضيف العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية والعالمية والكونية، وأن هذه المؤتمرات تحتاج لشخصية "بتعرف" لغات أجنبية ويجيد التعامل مع الدبلوماسيين والأجانب ويدخن السيجار، رمز "العز" الغربي.
وهو رجل سيفرض على الجميع احترام مصر لأنه "إكسلنس"..! وهو تعبير عادة ما ستسمعه من سائقي سيارات الأجرة "التاكسي" عندما تحاول أن تكسر أصوات سيمفونية بديعة من "الكلاكسات" بفتح حديث معهم حول من يصلح لرئاسة مصر!
أبو الفتوح أكبر من فكرة مرشح يتفق عليه اليمين واليسار. هو تعبير عن عقلية تعتقد أن الرجل ممكن يضرب الإخوان والعسكر والسلفيين ضربة رجلٍ واحد..!
لا أحد يستطيع أن ينكر أن المرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح هو أحد الشخصيات السياسية القليلة التي تتمتع بسجل نظيف في العمل العام.
لكن الأزمة في اختياره تكمن في أن أنصاره يعتقدون أنه الحل الخارق لمشاكل مصر الحالية وأنه قادر على الانتصار على التحالف الوثيق بين الإخوان والمجلس العسكري، نظرا لانشقاقه عن الإخوان وعدم ميله نحو المجلس العسكري.
لكن الحقيقة أن الرجل يتم تحميله من الأماني والأحلام، أكثر بكثير من قدرته على الفعل. ففي النهاية هو مرشح لا يعلم حتى الآن اختصاصات وظيفته، ويدرك أن الإخوان وتحديداً خيرت الشاطر مصممون على أن لا يصل الى كرسي الرئاسة، وإن وصل فسيعملون على عرقلته (هذا بافتراض تمتعه بصلاحيات رئاسية كاملة مثل سلفه حسني مبارك).
أما المشكلة الثانية فتتلخص في أن التركيز على قدرته على القضاء على القوى التي تصنف بإنها "حادت عن المسار الثوري"، يضعف محتوى خطابه حول التنمية وعلاج المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للمصريين.
أحمد شفيق أكبر من فكرة مرشح الهوانم! هو تعبير عن عقلية تعتقد أن مصر صالة وصول في مطار كبير ومحتاجة مدير يشرف على سير الحقائب ومش مهم الركاب!
حتى أنصاره يعتقدون أن أعظم إنجاز لهذا الرجل هو تجديد مطار القاهرة!
هو بالتأكيد أنجز عملاً جليلاً وعظيماً، ولكنه في النهاية لم يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، مثل الاعتذار عن منصب رئيس الوزراء لأنه لا يستطيع أن يقبل أن يكون رئيسا لوزراء بلد يتم فيها قتل الناس بالجمال! لكنه لم يفعل وأكد على أن لجنةً للتحقيق ستحقق وتدين وتحقق العدالة!
هو رجل لا يستطيع أن يحافظ على أعصابه عند الاختلاف معه ممن هم أدنى منه منصباً، وفق تصوره، ولكنه مطيع للغاية لمن هم أعلى منه رتبة! وطبعاً "المشير أخ وصديق ولازم أستشيره في كل حاجة"!
خالد علي أكبر من فكرة أنه مرشح الثوريين. هو تعبير عن عقلية تعتقد إن العواجيز خربوها وإن الشباب لو لم يصلحوها، فلن يخربوها أكتر ما هي خربانة!
هو مرشح الرئاسة الوحيد الذي لا يمثل خياراً طبقياً، كحال بعض أنصار حازم أبو اسماعيل في الريف أو محمد البرادعي في الأحياء الراقية.
وهو محامي حقوقي من الذين قضوا حياتهم بين العمال في المصانع وبين المترافعين في المحاكم من أجل استعادة المؤسسات العامة التي أهدرها النظام في مصر، في أكبر "أوكازيون" منذ أواخر القرن التاسع عشر!
لكنه يبدو مثل فارس نبيل على وشك الدخول في معركة غير متكافئة مع مجموعة من الأشرار المتمرسين المدججين بالسلاح، بينما لا يملك في يده غير "سيف خشب"، وفي اليد الأخرى "درع صفيح". لا السيف الخشب حيقتل ولا الدرع الصفيح حيصد!
عمر سليمان أكبر من فكرة إنه مرشح الرجل فوق الخمسين. هو تعبير عن عقلية تعتقد إن مصر محتاجة دكر بشنب دوجلاس وبدلة سودا وقادر على الضرب بدم بارد.
عمر سليمان هو مرشح فئة من الناس تعتقد أن رئيس مصر يجب أن يكون رجلاً غامضاً وذا هيبة مخيفة، وقادر على أن "يلم" البلد في ثانية. يكفي أن تولي عمر سليمان الرئاسة يعني أوتوماتيكياً القضاء على البلطجة وعلى النشل في الأتوبيسات العامة! ظهوره على شاشة التلفزيون سيبث الرعب في قلوب من يريدون بمصر السوء!
المدهش أن هذا الرجل الخارق لم يستطع الحفاظ على عرش رئيسه، رغم تعرض هذا الرئيس لمؤامرة كونية اشتركت فيها قوى إقليمية ودولية وربما كائنات فضائية كانت لا تريد لنا أن نسير معه نحو الديمقراطية!
لكن عمر سليمان رجل غير ديقراطي، عكس سلفه، وذلك لأنه يؤمن أننا لم نصل بعد لمستوى يؤهلنا لتقبل هذه الفكرة المستوردة، وأننا معه سنكون مع الرصين!
محمد سليم العوا أكبر من فكرة إنه مفيش حد اختاره بس هو فارض نفسه! هو تعبير عن عقلية تآمرية تعتقد إن السلاح النووي التكتيكي متخبي في كنيسة بشبرا..!
هو المرشح المناسب لمن يعتقد أن رئيس مصر يجب أن يتحدث باللغة العربية الفصحى وبتعابير قانونية رصينة، وأن الاستماع لحديثه مع منى الشاذلي في برنامجها المخصص لرؤية الجانب الإنساني (منها وليس الضيف!)، سيبث في النفس الطمأنينة على مستقبل البلد!
رجل لم يقدم شيئا سوى التحريض والقول بأن الكنائس فيها سلاح وأن الحرب الأهلية على الأبواب، وفي النهاية يخاف المسلم من المسيحي "المسلح" ويخاف المسيحي من المسلم الذي يعتقد أنه يحمل سلاحاً وبالتالي قد يكون "مسلحاً"..!
منصور حسن هو أكبر من فكرة إنه مرشح جيل ثورة تسعتاشر وهالة سرحان! هو تعبير عن عقلية تعتقد إن مشكلة مصر إن سعد زغلول ماحكمش كرئيس ولازم تكريمه!
إعادة إحياء منصور حسن تشبه فيلماً فرنسياً يحمل عنوان "المغامرات المدهشة لآديل بلانك–سك Les aventures extraordinaires d'Adèle Blanc-Sec .
في هذا الفيلم تحاول فتاة فرنسية إعادة أختها الميتة الى الحياة عبر إعادة الحياة لمومياء فرعونية تعود الى الطبيب الخاص برمسيس! تنجح الفتاة في إعادة الحياة للطبيب ورمسيس وحاشيته ويقومون بإعادة الحياة لأختها وبعد أن تشكرهم ويشكرونها، يقومون بجولة مسائية في باريس في أوائل القرن الماضي.
فيلم ظريف وبه مغامرات أكثر تشويقاً من متابعة الأحاديث "الرئاسية" لمنصور حسن! أما العلاقة بين الفيلم ومنصور حسن فربما تكون في محاولات الفتاة إعادة الحياة لمومياء فرعونية تحمل قدراً كبيراً من الحكمة التي لا تنتمي الى الزمن الذي نعيش فيه.
حمدين صباحي أكبر من فكرة إنه مرشح الفلاح والعامل والشابة التقدمية! هو تعبير عن عقلية تعتقد إن الرئيس اللي يحبه يسري فودة يبقى رئيس كويس أوي!
قيل لي من أصدقاء أن حمدين صباحي هو مرشح المذيع محمود سعد. لا يهم إذن من يحب حمدين طالما أنه يحظى بهذه الشعبية الإعلامية، التي يستحقها دون شك.
فهو رجل دفع ثمن مواقفه وله سجل مشرف من النضال السياسي، ولكن أين البرنامج؟
سؤال تبدو إجابته ثانوية بالنسبة لأنصاره الذين يعتقدون أن مرشحهم قادر على تحقيق "كرامة" البلد من خلال سياساته.. لكن ما هي؟
الإجابة على هذا السؤال ستقودنا الى مجموعة أخرى من الأسئلة التي لن تسمح لنا بالانتقال الى نقد مرشح "غير مرشح" وهو محمد البرادعي!
البرادعي أكبر من فكرة إنه مرشح البنات والشباب من سن 14 الى سن 26. هو تعبير عن عقلية تعتقد إن مصر محتاجة خبير أجنبي زي جوزيه ويكون واجهة مشرفة!
مثل عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي، فإن محمد البرادعي يتميز بالاحترام الشديد، وبأنه اختار أن يعارض مبارك في الوقت الذي كان يمكن له فيه أن يقبل منصباً وزارياً (قيل أنه وزارة الخارجية) في مقابل أن لا يدعو لمناهضة النظام.
وقد دفع الرجل ثمن مواقفه غالياً وبشكل تجاوز حدود النقد المحترم الى التجريح المنحط. لكن فور انتصار الثورة في هدفها الأول وهو خلع مبارك، اختار الرجل أن يكون ناشطاً في تويتر أكثر من أن يكون ناشطاً في الشارع، وقيل أن سنه لا يسمح له بالنزول الدائم للشارع، وقيل أيضاً أنه ينزل ولكن الشارع لا يعرف!
ولا أحد يعرف على وجه التحديد أين يكمن الخلل؟ في البرادعي أم في الشارع؟ فقد قيل من بعض أنصاره أن الشارع "مايستاهلش واحد زي البرادعي" وقيل من منتقديه أن الرجل يصلح لقيادة السويد.. ولكن حتى في السويد فإن السياسيين يهبطون الى الشارع.
أما في مصر فإن الحال لا يختلف كثيرا عن حال البرازيل خلال تسعينيات القرن الماضي، وربما تحتاج مصر الى رئيس مثل لولا داسيلفا. رئيس قادر على أن يقدم حلولاً مركبة لمشاكل معقدة، لا رئيس لديه رؤية بها خطوط عامة أكثر من تفاصيل مرتبطة بأرقام محددة. فهذا نموذج يصلح لبلدان بها مؤسسات حقيقية تدرك وظيفتها جيدا، ونحن لا يوجد لدينا مؤسسات وإنما هياكل إدارية تعمل وفق تعليمات السيد الرئيس.
الشاطر أكبر من فكرة إنه مرشح شباب الاخوان المتحمس. هو تعبير عن عقلية تعتقد أن مصر هي مشروع أسرة إخوانية صالحة ستنتهي بخلافة إسلامية شاملة..!
فجأة خرج علينا رهط على شبكة تويتر بأخبار مفادها أن خيرت الشاطر يفكر في الترشح للرئاسة. لا يبدو الحديث مستبعدا بالنظر الى إمكانيات خيرت الشاطر الإدارية في جماعة الاخوان المسلمين.
فالرجل، وفق أعضاء في الجماعة، هو القائد الحقيقي لها، فيما محمد بديع هو رمز لها في صورة مرشد. كما أن الرجل وفق العالمين ببواطن الأمور في الجماعة، يتميز بقبضة حديدية على أعضائها تتيحها له إمكانياته المالية الواسعة والتي أستحق بفضلها لقب "خزانة الإخوان المالية".
وقيل أيضا أن الرجل أدار "مفاوضات الإخوان مع واشنطن بمهارة"، لكن من قال ذلك لم يقل (أو لعله قال ولم أقرأ) حول ماذا دارت المفاوضات ولماذا شعر الأمريكيون أن مصر ستكون في "أيدٍ أمينة" إذا وصل مرشح إخواني الى الرئاسة.
وإذا حدث وتولى خيرت الشاطر الرئاسة فسيكون الرئيس الوحيد الذي سيكسر قاعدة "الربع رئيس" وسيكون "نصف رئيس" على اعتبار أن نصف النظام يدين له بالولاء.
أحمد زويل وسكرتيره أحمد المسلماني أصغر من فكرة الترشح للرئاسة. هما تعبير عن عقلية تعتقد إن نوبل في العلوم أو برنامج على دريم ممكن تعمل رئيس!
لا تعليق. أو ربما لا يوجد ما يقال بعد الذي قيل!
المشير أكبر من فكرة إنه مرشح المتقاعدين! هو تعبير عن عقلية تعتقد إن مصر جيش كبير محتاج قائد كبير من أجل معركة كبيرة وهي إصلاح خط مترو المرج!
يقال أن كاتباً صحفياً في الأهرام اسمه جمال زايدة خرج على شاشة التلفزيون المصري ذات مساء ليقول أن المشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الحاكم، يصلح أن يكون رئيساً لمصر، لأنه قام بجولة في الشارع بالبدلة المدنية ودون حراسة.
وقد قام التلفزيون مشكوراً بعرض فيلم قصير لهذه الجولة التاريخية التي قام بها المشير في لحظة مفصلية من عمر الوطن، ورأينا كيف يسير الحاكم العادل بين أبناء شعبه دون خوف من بلطجة أو "تثبيت" في الشارع من أجل ساعة أو محفظة.
وبالطبع لم يفت التلفزيون أن ينوه أن هذا الفيلم التاريخي قد أشرف على تصويره أحد المواطنين الصالحين الشرفاء بواسطة كاميرا هاتفه المحمول، وقد سلمه الى تلفزيون بلده الوطني، دون أن يفصح عن اسمه. وبهذا خسرت مصر صانعاً محتملاً للأفلام!
وربما كان العم الإنجليزي ويليام شكسبير هو أكثرنا فصاحة في التعبير عن فكرة المشير رئيساً عندما كتب مسرحيته الكوميدية التي تحمل اسم: Much Ado About Nothing .. فله منا ومن التلفزيون المصري كل التحية والتقدير والعرفان!
هياتم أكبر من فكرة إنها مرشحة الأناركيين لضرب المرشحين الملتزمين بالحفاظ على النظام! هي تعبير عن عقلية تعتقد أن علاقات مصر بالخليج مهمة جدا!
لن تكون هياتم "ربع رئيس" مثل الباقين، ولن تكون مرشحة توافقية أو محتملة، ولكن ترشيحها يعني الوفاء لمرحلة كانت فيها نوادي الفيديو تلعب دوراً تنويرياً عظيماًً خصوصاً مع سلسلة الأفلام العظيمة التي أنتجت خلال ثمانينيات القرن الماضي، وقيل عنها ظلماً أنها "أفلام مقاولات" و"مخصصة للتصدير للسعودية ودول الخليج فقط". بالرغم من أن المنصف لهذه الأفلام يدرك أن صانعيها كانوا الأكثر إتباعاً للأسلوب العلمي في تسويق منتجهم. فقد درسوا السوق الذي يستهدفونه جيداً وأنتجوا ما يحتاجه.
أما بالنسبة للأناركيين في مصر، فهم أذكى فصيل سياسي على الساحة حالياً والأكثر اختراقاً لكل التيارات السياسية، وربما هذا يدل على أن من بنى مصر كان في الأصل أناركي!
ملحوظة: من فضلك أعد النظر الى اختيارات الألوان الخاصة بكل مرشح. إذ أن لذلك حكمة.
ايه الروعه الساخره دى
ReplyDeleteجميل..جميل كمقال اكثر من تويتر..بجد حتي الصور..وطبعا الالوان
ReplyDeleteمع احترامي للجميع..الانتخابات الرئاسية ماهي الا فصل من هذا المسرح العبثي
شكرا
جامدة جدا .. تحليل ممتاز للواقع المسخرة اللى إحنا فيه :)
ReplyDeleteمكتوبه بمزاج
ReplyDelete